عنان السماء.. طُموحنا

مقال نُشر في صحيفة ارامكو الاسبوعيه نوفمبر ١٧، ٢٠٢٢

من المؤكد أن الصعود إلى السماء أمرٌ صعب ويتطلب الكثير من الإعداد والجهد والوقت، ولكن ولحُسن الحظ يوجد لدينا في الحقيقة مايساوي ذلك في قيمته وشعوره؛ إنها الإنجازات العظيمة، وكُلنا يستطيع ذلك. ”السر العظيم للنجاح في الحياة هو أن تُدرك ما المُقدر لك فعله ثم تقوم بفعله“، يُشير هنري فورد في أحد أشهر مقولاته هذه إلى أن البحث والمحاولة لإكتشاف نفسك وما تجيد فعله هو أحد مفاتيح النجاح، ولا يمكن الحصول على ذلك دون دفع النفس إلى حقول التجارب وعثرات المحاولة، ولا بأس بالفشل، فالفشل كمفهوم لا يعني ”التوقف“ بل يعني أن الوجهة أو الطريقة ليست مناسبة وتحتاج إلى مراجعة او تغيير.

أن تكون عضوا في أعظم شركة في العالم، يعني أن تكون على قدرٍ كبير من المسؤولية والإعتمادية؛ وكذلك هو نحن في شركة أرامكو السعودية، وليس أعظم من أن تستشعر مكانتك كأحد التروس المحركة لإنجازات ونجاحات الشركة على كافة الأصعدة، وأنا وأنت كذلك بالفعل، فقيم الشركة التي فخراً نتحلى ونتمسك بها داخل وخارج اسوار الشركة (التميز، السلامة، المسؤولية، النزاهة، المواطنة) هي الهوية التي تمثلنا وتوجهنا لنكون الأفضل، وتُلهمنا لتحقيق أهدافٍ أعظم. ولأننا جميعاً جادون في تحقيق الأهداف والإنجازات العظيمة لشركتنا أرامكو؛ تلك الأهداف المتوافقة والداعمة لأهداف وطننا العظيم، فنحن نعمل بجدٍ معاً لتحقيق أعلى معايير الإحترافية والجودة عبر تبني ونهج سلوكياتنا الأساسية والمحركة لإستراتيجات الشركة وهي ”الحوار الهادف، التعاون، التمكين، اتخاذ القرار الفعّال“؛ ننهج ذلك في كافة تعاملاتنا اليومية لأنها تمكننا من أن نكون أكثر انتاجية وإبداعاً ومرونة.

لاشك أن رؤية المملكة 2030 رُؤيةٌ مُلهمة لكل القطاعات وأهمها قطاع شركتنا العملاقةِ أرامكو التي تشارك وتقود العديد من مبادرات التغيير والتطوير لتحقيق رؤية الوطن الطموحة المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لجعل العالم أصلح وأفضل للعيش. ومن الأهداف المستدامة السبعة عشر التي تشارك فيها شركتنا العملاقة بشكل فعّال: الطاقة النظيفة والمتجدده، العمل اللائق ونمو الإقتصاد، الصناعة والإبتكار، الإستهلاك والإنتاج المسؤولان، العمل المناخي، الحياة تحت الماء، الحياة في البر، الصحة الجيدة والرفاه، المساواة بين الجنسين. ستحقق شركتنا عبر هذه الأهداف والمبادرات حتماً إنجازات عظيمة لأننا، أنا وأنت وأنتي، نعمل فيها معاً بروح الفريق الواحد عبر وجهةٍ، ونعي جيداً الأهداف والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا لنحتفل معاً في المستقبل القريب بالإنجازات التي تساوي شعور الصعود إلى عنان السماء.

ما وراء طريق الموت العقير

فرح الأحسائيون منذ أكثر من ثمان سنوات بتطوير وافتتاح شاطئ العقير كوجهة سياحية متميزة لطالما حلموا بها، إلا أن غيمةً سوداء خيمت على قلوبهم ومازالت جرّاء الحوادث المميتة والمتكررة على الطرق المؤدية للشاطئ والتي كلّت وملّت معه أصواتهم مُـنـَـاشدةً ونداءاً لإيجاد حلول ناجعة.

في كل حادثِ موت على طريق العقير الجنوبي منه والشمالي وآخره قبل أيام راحَ ضحيتهُ تسعة أبرياء، يرتفع صوت المجتمع مندداً بتقصير المسؤول ومُلقياً لومهُ على مايرتبط بالطريق كاحتياجه للطريق المزدوج أو وسائل السلامة أو المراقبة المرورية، ويخرج صوت المسؤول كإدارة النقل وكالعادة ليؤكد أن الأسباب ليست الطريق وإنما سلوكيات قائدي المركبة وهي ليست من اختصاصه! عجباً.

ويتساءل المتضرر والمواطن: لماذا تم افتتاح الطريق في ظل افتقاره للأمن والسلامة؟ مادور غرفة التخطيط الاستراتيجي؟ أوليس لسلوكيات هؤلاء المتهورين وأخطائهم بل أخطارهم جهاز للضبط وحُلول؟ ماذنب الضحايا الأبرياء مَن قـُـتلوا بسبب أخطائهم؟ ماذنب من يُـتّموا ومازالوا يتجرعون مرارة اليُتم؟ ألم يُخصص جهاز كامل لذلك كإدارة المرور ؟ مادورهم؟ بل أين أدواركم التكاملية؟

وراء الأكمة ماوراءها

قد لا يرى البعض ومنهم المسؤول تلك الزوايا الخطيرة في الأثر البالغ على المواطن والمجتمع بشكل عام جّراء تكرار حوادث الموت ولسنوات عدة دون إيجاد حلول ولو مؤقتة لوقف نزيف الدم على الطريق الذي أسماهُ الأحسائيون ومن رحم معاناتهم: طريق الموت.

تموت على الطريق عائلةٌ فيتـَــيتمُ أبناءها، ويذهبُ رب أسرةٍ كان عائداً من عمله ضحيةً فتبكيه زوجته وأبناءه فلا عائل لهم بعد الله إلا هو، فعيش جميعهم مرارة اليُتم وخوف المستقبل تلاحقهم الأضرار النفسية والإجتماعية فينتجُ عن ذلك في المجتمع مواطنٌ ضعيف غيرُ فاعل عوضاً عن الأضرار الإقتصادية كفتح ملفات جديدة في الضمان الإجتماعي والجمعيات الخيرية – وأرشيفهم يتحدث.

ويموتُ شابٌ في مقتبل العمر كان سنداً لأبويه في حادث مأساوي على الطريق فيفجعُ والداهُ بفقده متضررين نفسياً واجتماعياً، ويتكرر الأمر مع أسرة سواء بموت أحد أبناءهم أو بفقده في المستشفيات طريحاً مشلولا أو معاقا مخلفاً أضراراً اقتصادية أخرى، فيوغل ذلك صدور أهليهم وذويهم على المسؤولين يصاحبة شعور يقوّض فيهم الحب والإنتماء لهذا البلد الطيب – وهذا حقيقة مانراه ونسمع -فليصارحوكم.

لا نحاول أبداً تكبير القضية فهي كبيرة بالفعل، ولا يشعُر بها إلا من يعانيها، نستعرض تلك الزوايا لأننا نلمسها في الناس وأنما نحن أصواتٌ لمن لاصوت له ولسان لمن لا يستطيع التعبير ومُحبونَ غيورون على هذا الوطن الكريم ومواطنيه.

ما المشكلة؟ مالحل؟

في الحقيقة أن المشلكة تقعُ على عاتق الجميع: المسؤول، المواطن، المتسبب في الحادث. ولكن الأهم من ذلك التعرف على الأسباب الجذرية للمشكلة من تدلنا على حلول حقيقية ناجعة. وتتلخص الأسباب حقيقة في سلوكيات قائدي المركبة الغير مراقبة، وغياب الدور التكاملي بين الجهات المعنية كأن يكون هناك فريق عمل مشترك بين ادارة الطرق والمرور وأمن الطرق وأمانة الأحساء والهلال الأحمر والمواطن أيضا.

ومؤقتا وعاجلا يحتاج الطريق للتالي:

مسؤولية إدارة النقل

توفير مواقف للطوارئ على جانبي الطريق، ومتابعة معالجة زحف الرمال بشكل عاجل من خلال مراقبة الطريق أثناء مواسم الرياح خاصة، وتوفير اللوحات الإرشادية والتحذيرية ومنها مناطق تجمع الضباب والجمال السائبة.

مسؤولية إدارة المرور

مراقبة الطريق بشكل كامل ودائم وتكثيفه خاصة في أيام وأوقات الذروة لضبط سلوكيات قائدي المركبة ومنها السرعة، استخدام الجوال، التجاوز الخاطئ، والرفع عن اي مشكلات خطرة بالطريق للجهات المعنية الأخرى. ماذا لو استحدت نقطة أمنية هناك لممارسة التوعية الحقيقية ميدانيا ومن ذلك تنبيه المسافرين وتمني السلامة لهم؟ سيكون لها أثر ووقع ايجابي كبير ومنها احساس المواطن بالإهتمام والرعاية وهو فعلا مايضبط ويوجه السلوك مقارنة بالعقاب.

مسؤولية أمن الطرق

البدء بمراقبة الطريق أمنياً فهو طريق شبه مقطوع حالياً وتواجد أمن الطريق يحقق نوعاً من الأمان سواءا بضبط حركة الجمال السائبة أو بضبط بعض تصرفات المتهورين من قائدي الشحانات والمركبات الأخرى وخاصة بالليل، فما يدعوا للكثير من سلوكيات القيادة السلبية هو انعدام الرقابة الأمنية وأمن العقوبات.

مسؤولية أمانة الأحساء

تفعيل السياحة في أرض العقير يعني استخداما أكثر للطريق من قبل المواطنين والسياح، ولكن الطريق بشهادة الكثير خطر! فعليها تكرماً وبشكل جدي التنسيق مع الجهات المعنية الأخرى كالمرور وأمن الطرق والهلال الأحمر لوضع خطة مراقبة وضبط على هذا الطريق أثناء المواسم للتقليل من الحوادث المميتة.

مسؤولية المواطن

التحول لعين ثالثة للجهاز الأمني بالتبليغ عن السلوكيات الخاطئة في القيادة لأي كان من المركبات، والممارسة المتبادلة للقيادة الآمنة بين الآباء والأبناء والأصدقاء كأن نؤكد على ربط الحزام جميعاً أو لا نستخدم الجوال أثناء القيادة أو أن نسرع فحياتنا أهم. هذا السلوك الأمن للقيادة عندما ينتشر ممارسةً من الجميع سيضيق الخناق على المتهوين للرضوخ إلى تأثير البيئة المحيطة وتغيير سلوكياتهم إلى الأفضل.

صوتُ مكلوم

أرجوكم لا نريد موتاً آخر وحُزناً آخر وخوفاً آخر يسكن قلوبنا فمن حقنا أن نعيش الرفاهية في هذا البلد الطيب دون عناء وتعب دون الحرص على كتابة وصيتنا قبل الذهاب سائحاً مستمتعاً على طريق العقير.

 

نُشر في الأحساء نيوز

مُؤامرة وعي

يمتطي مجتمعنا حالياً فرساً سريعاً في ساحة التطور الإجتماعي والعمراني الجميل، ومع هذا التغيير السريع ظهرت لنا مستنقعاتٌ عديدة ساهمت في تعكير صفو الجمال الأخلاقي المتوافق مع هذا التطور الجميل والموافق للرقي والذوق الرفيع الذي امتازت به قيمنا الاسلامية.

مستنقعات ضعف الوعي نتاجها سلوكيات لأشخاص عديمي المسؤولية والاحترام لأنفسهم وللآخرين ولهم للأسف تأثير سلبي كبير فمقلدوهم من عامة الناس متوسطي الوعي كثر.
تُنشئُ حديقةٌ متميزةٌ لهم فيأتي حضرتهم للإستمتاع ثم يكافؤون ذلك بالتحول إلى جراثيم تنشر عدوانها وفسادها برمي القاذورات وربما بتخريب الممتلكات العامة التي وضعت خصيصا لهم.
يذهب مسافرا مع أبناءه في طريق جديد نظيف متباهيا به فيفتح النافذة، يرمي القاذورات، ثم يرميها بعده أبناءه وسط ترحيب من الجميع، فواعجباً.


تنتقل أسفا تلك السلوكيات كورم سرطاني من جيل إلى جيل طالما كان لها قدوات وآخرون لا منكرون.


أؤمن كثيراً بضرورة تبني مؤامرة عنوانها (رفع الوعي) يقوم بأدوارها العقلاء من الأفراد والمؤسسات التعليمية والاجتماعية لنشر فيروس الوعي في عقل كلٍ فردٍ بدءا من الأسرة (الوالدين) ثم المدرسة ثم المسجد ثم الشارع عبر برامج تكاملية تتبع ضعف الوعي فتُقِيمُه؛ عندها لن ننشغل بإعادة سن القوانين وتغليظ العقوبات لضبط مثل تلك السلوكيات السلبية، فالفرد عالي الوعي سيكون هو سيد القانون وأداة الضبط.


هي دعوة جدية لأولي الأمر عبر ذوي الاختصاص للنظر في وسائل وأدوات الوعي العلمية الصحيحة لبناء برنامج تُغزى به تلك المستنقعات فتجفف بتعاون مشترك بين مؤسسات رعاية الأسرة والمؤسسات التعليمية وانتهاءا بالمؤسسات الاجتماعية بهدف تحويل كل أفراد المجتمع إلى مجتمع مسؤول وعلى درجة عالية من الرقي والتحضر توافقا مع التطور المنشود فلا جمال للمظهر مع فساد الجوهر.


نشر في جريدة اليوم*

http://www.alyaum.com/article/4205184#.WbLTFNcDwao.whatsapp

رياح التغيير

المتأمل في برنامج يوم كامل على الكرة الأرضية سيجد أن التغيير جزء لا يتجزء من طبيعة هذا الكون، إنه سنة كونية نراه في تعاقب الليل والنهار وفي الفصول الأربعة، وفي أحوال الأمم والناس عبر الأزمان “وفي أنفسكم أفلا تبصرون”.

وفي العلم الحديث يعرف (جون كوتر) أحد خبراء الإدارة، إدارة التغيير على أنها منهج للاستفادة من البنى والأدوات الأساسية للسيطرة والتحكم على أي جهد في التغيير التنظيمي. ويؤكد أن التغيير يسهل ويتم عن طريق معرفة عناصر مقاومة التغيير وكيفية التعامل معها وأن التغيير عبارة عن قيادة تتم عبر مراحل ثمان تعتبر حاليا هي الأهم والأكثر فاعلية لنجاح التغيير.

وبين هذا وذاك فإن مجمل جهد التغيير واستعداديته مرتبط بثقافة الإنسان وتحديدا بما يتمسك به من مبادئ وقيم تشكلت غالبا من مثلث محوري جوهري هو الأسرة والمجتمع والمواقف المؤثرة. قد ينشد البعض التغيير لنفسه أو لشخص آخر أو لمجتمعه ولا ينجح! لماذا؟ لأن الكثير لايدرك أن العمل بالتغيير وأدواته يختلف باختلاف طبيعة الشخص أو المجتمع ولا يصح استخدام ذات الطريقة والأدوات مع مختلف الأشخاص أو المجتمعات. إن التغيير بطبيعة الحال فلسفة فكرية بحته تحتاج إلى وعي كامل بمفاهيمه وطرقه وأدواته بعد دراسة المستهدف بالتغيير شخصا كان أو مجتمعا، وخذ على سبيل المثال الرسل والأنبياء، جاؤوا لفرض التغيير الإيجابي ربما لنفس الرسالة ولكن الطرق والأدوات تختلف اختلافا شبه كلي بحسب طبيعة وخصائص مجتمعاتهم؛ وتأمل وقت اعلان الرسالة وطريقتها والظروف المهيئة لها وطرق التعامل معها كلها تثبت ذلك.

مرحلة مقاومة التغيير مرحلة طبيعية من المهم جدا معرفة كيفية التعامل معها وإدارتها من حيث أن افرازاتها أو ردات فعلها تتشكل بحسب مستوى الوعي لدى الفرد، فتجدها عند البعض على شكل مخاوف تدفعه إلى الهروب أو تجاهل التغيير، أو بالتمسك اللإرادي بمنطقة الراحة جراء التعود والتكيف كتلك سلسلة الفيل، أو بشن حرب ضد التغيير رغم ايجابيته لارتباطة غالبا بمصالح شخصية ليست مضمونة بعد التغيير كزوال السلطة أو الغنى.

يقول احد الفلاسفه: ” وراء كل جدار من الخوف يكمن كنز عظيم”، وكم أبدع في قوله، فقد اختصر التغيير في أمرين اثنين مهمين هو الإقدام والتفاؤل الحسن. إن حاجتنا للتغيير تحكمها تلك جدران المخاوف، وكم نحتاج فعلا إلى مطرقة الإقدام ومعول التفاؤل لكسر تلك الجدران للحصول على ذلك الكنز ألا وهو التغيير للأفضل.

يقول بيل جيتس: “رسبت في بعض المواد في الجامعه بينما صديقي نجح في تخطيها، صديقي الآن مهندس في شركة مايكروسفت بينما أنا أملك هذه الشركة”. كم كبير من الدروس في كلماته وبعض من الوجع أيضا يشعر به كل من يخشى التغيير. عندما قرر (بيل غيتس) ترك جامعة هارفارد آنذاك كان قرارا شيطانيا متهورا عند البعض وسيسير به حتما إلى طريق الضياع، هؤلاء البعض هم من تكبلهم المخاوف ويحاولون أيضا دون وعي منهم تكبيل الآخرين بها ظنا منهم أنهم يمارسون النصيحة والمشاركة بخطة إنقاذ. وحده (بيل) من حطم سوار المخاوف وجدرانها واثقا بقدراته ومتفائلا بحسن صنيعة وجراء ذلك حصل على كنز عظيم عبارة عن نجاح باهر هو الأفضل والأميز من نوعه على وجه الكرة الأرضية.

“أديب” شاب لم يكن يملك أي اعتبار في مجتمعه حتى اطلق عليه البعض بالغبي. قرر التغيير بأن يسافر إلى أمريكا ويبحث عن كنزه الحقيقي؛ نفسه وقدراته. كم كبير من المخاوف أحاطت به لايملك المال الكافي، لايعرف أحدا هناك، لايعرف لغتهم، لايحسن أي عمل، وعصفت به التحديات أيضا أن لم يوافق على رحيله أهله وخاصة أبوه فأعادة بعد عدة أشهر إلى البلاد رغما عنه. كبرت جدران الخوف والتحديات تجاه التغيير الذي ينشده “أديب” وكبر معها إقدامه وإصراره مما عزز فيه ثقة نفسه فرفض الرضوخ للعواطف وقرر السفر والعودة إلى حيث بدأ في أمريكا. عانى الكثير والكثير في بداياته وكان يسليه أنه متفائل وسيجد نفسه وينجح رغم كثير من زرعوا في قلبه الإحباط والفشل. تيسرت أموره وعمل مخلصا في احد مكاتب المحاماة ثم أحسن العمل فاصبح مساعدا للمحامي ثم رزق بمن يؤمن بقدراته فشجعه وشد من أزره بان يكمل دراسته في تخصص المحاماة في أحد المعاهد ولم يكن أبدا يحلم بذلك ولقد آلامه كثيرا إيمان الغريب به وإنكار القريب له وأولهم أهله وأبوه. تخرج من المعهد في تخصص المحاماه استلم قضية مهمة ونجح في حلها فنال شهره جيدة، ثم توالت عليه القضايا إلى أن فتحت له أبواب الرزق الوفير فهو يمتلك الآن العديد من مكاتب المحاماة حول العالم ويقصدة لحل قضاياهم المشاهير وأصحاب النفوذ. أصبح “اديب” شخصية هامة وبارزة جدا طأطأت له رؤوس من كانوا يصفونه سابقا بالغبي.

التغيير نوع من أنواع التحدي حتما ستكسب رهانه إن أقبلت على نفسك فقط ودعمتها بالإقدام والإصرار والفأل الحسن متجاهلا تماما أصوات الغارقين في مخاوفهم فهم العوائق الحقيقية تجاه نجاحاتك وكنزك وقد يكونون من أقرب الأقربين.

ع.س

تعمد الحفاء

تعمّـد الجفاءْ ..
تجرّع لذّة الهروب
والإختـفاءْ

أترا كِلانا على الفراقِ
يَـقدرْ ..!
أترانا على لهفةِ الحنينِ
نستطيب فنصبرْ ..!

تعمد ما تعمد
فليس الحب الذي يجتاحني
ماءٌ ليجمدْ ..
أو نارُ حقلٍ .. يومٌ أو يومينِ
فتخمدْ ..

حبك الموصوف بالعُـذري
هواء يدغدغ أنفاسي
يُحيي تطلعي لنفسي وانتمائي لذاتـي
يجول في أرجائي
يزلزلني مرة ً لأهرب منه إليه
ويحنو عليًّ ..لأحلق عصفوراً بين يديه

حبك الموصوف بالنرجسي
عبيرٌ يزيدني بهاءً وعطرا
كلما تذكرتك
كلما اشتقتك
كلما زارني الحنين
كل مرةٍ وافتـقدتك

فتعمد ما تعمد
تعمد الجفاء..
تعمد الهروب والإختـفاء
فلن يكون أبداً أجمل
من أن تعود وفي عينيك
نعم للوصل ..
لا للجفاء .

الصالح صالح

تلبدت السماء في ذلك اليوم بالغيوم عيوناً للأرض كانت تعتصر دمعها حُـزناً عليه، ويكفيهِ من ذلك كُلِه أن السماء كانت فعلا تبكيه.

لم يكن دُكانِه الصغير الذي أسماه “بقالة القناعة” اسماً بالمصادفة!! بل كان يمثل شخصية صاحبة القانع الرضي. في زاويةٍ أمام باب الدكان النص زجاجي، كان يجلس على كرسيه كالملك، كالقاضي، كالحكيم، كالمربي والموجة، لم يكن مجرد بائع. يقصدة الشيخ الكبير طلباً للعلم والحكمة، فقد كان قارءاً جيدا ومُطلعا في العديد من العلوم والمعارف. يُجالسه من الشباب الكثير بقصد المرح والتوجيه، فقد كان صاحب حديثٍ وأحاديثَ لا تُمل. يُحبه الطفلُ الصغير فرحاً وأُنساً بلينه وبشاشته وكرمه، ويُقبلُ عليه السائلُ والفقير لجوده وسخاء يده.

رجلٌ خفيٌ تقيْ، يعرفه القليل من أهل الأرض ولكن السماء تعرفه أكثر. رجل من البسطاء لم يتعلم العلم ولكنه كان مدرسة للأخلاق والعلم والمعرفة. لم يكن دُكانه الصغير ذاك مجرد دكانٍ للبيع، بل كان جامعة متعددة الأقسام؛ قسمٌ لغرس وتعزيز المبادئ والقيم، وقسمٌ للتحفيز على المعالي من الأمور وصادق الهمم، وقسمٌ للحكمة والموعظة، وقسمٌ آخر للإستشارات وحل القضايا وإبراء الذمم؛ فكم من مشكلةٍ او ضائقةٍ عُرضت في دكانه وبفضل الله ثم هو قد حُلّت، وكم من استشارة طُلِبت منه وبفضل حكمته وتوجيهاته هِداياتٌ ونجاحاتٌ لصاحب الإستشارات تجلّت، وكم من القصص المشوقة وأحداث الأولين الماتعة وذات العِبر حكاها لمجالسيه يقصد بها النصح والتوجيه فساهمت في حُسن التفكير والاختيار والتدبير.

خمسة وثمانون عاما من العصامية بنى فيها الشيخ (صالح) نفسه بنفسه، عاش فيها كريماً عزيزاً وعنواناً للقناعة والرضى، تميز في بداياتها ببره بأبويه حتى شهد له أحد الكبار الثقات أنه كان من أعجب الناس برا بأبويه، وحدّث عنه قائلا: “ذهب في شبابه ليعمل خارج البلد في أعمالٍ كانت ستجعله من أغنى الناس، فطلبه أبوه للعودة لمساعدته في أعمال مزرعته الشاقة، فلبى النداء دون تردد تاركاً وراءة كل مغريات المال والدنيا”. فكان له من هذا البر أن تحقق له في أبناءه “بروا آبائكم تبركم أبنائكم “.

لقد عشق الشيخ (صالح) منذ نعومة أظفاره خطواته إلى المسجد فلم يتهاون أو يتكاسل عن تكبيرة الإحرام أبدا، وإلى وقت قريب يوم أن دكّ الكِبرُ العِتيُ ركبتيه، كان يدافع نفسه على كرسيه المتحرك إلى المسجد، وإن فاته لعرضٍ أو طارئ فرضٌ للصلاة في المسجد، إنكب على نفسه ينتحب ويبكي بكاء الطفل لا يُهدّؤه إلا أن يُعوّض بالذهاب به باكرا إلى الصلاة التالية.

أحبَ كتاب الله فأحبه الله بأن حفِظ له سمعه وبصره، فعكفَ على قراءة القرآن يختمهُ كل شهر مرة او مرتين او حتى ثلاث، وروى عنه أحد أبناءه المقربين الثقات أنه أحسن اجتهاداً في أحد الشهور فختم القرآن أكثر من عشر ختمات متتالية، فصدق فيه قول الحق تبارك وتعالى: ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين “.

عُرف عن الشيخ (صالح) أنه كان دائماً بشوش الوجهِ مُتهللا، مُحباً للخير وأهل الخير معطاءاً سخيا، غَنِم من سخائه جميع أهله، ومساجدٌ وجوامعُ كثيرة، وأسرٌ محتاجةٌ وفقيرة، لم يقطع عنها عطاءه بنفسه حتى في أيام عجزهِ على كرسيه، فقد كان يذهب إليهم ويُصر على مُرافقيه أن ينزلوه على كرسيه ليسلّم العطايا أو الصدقة بيده، فتسللت إلى السماء دعوات هؤلاء الفقراء وتلك المساجد فبارك الله له في ماله وعياله، وحفِظه حفظاً زانت معه إلى آخر يومٍ في عُمره جميع جوارحه وأجزاءه تتمتم بالقرآن وتهذي بسماع الآذان، ثم طابت روحه وأنفاسه إلى أن فاضت إلى بارئها نهار يوم الخميس.
رحم الله الشيخ الفقيد أبو سعد (صالح بن ابراهيم بوبشيت) رحمةً واسعة من عنده وأسكنه فسيح جناته، وعلى مثل هذا الرجل تبكي الأرض ومحرابه شاهدٌ على ذلك.

واتس.أب وخفايا فيسبوك

في صفقة أخيرة فلكية تعد الأكبر من نوعها في عالم الإنترنت وتحديدا في برامج التواصل الإجتماعي، أنفقت فيسبوك مايقدر ب 19 مليار دولار للإستحواذ على تطبيق المحادثات الفورية (واتس.أب). وقد أثارت هذه الصفقة الضخمة ضجة عارمة في جميع الأوساط حيث أثارت استغراب ودهشة العديد من المستخدمين ومختصي الأمن المعلوماتي في أمرين أثنين وهما: هل يستحق (واتس.أب) كل هذا المبلغ؟ ولماذا يدفع له هذا المبلغ؟
مارك زوكربيرغ؛ المديرا التنفيذي لفيسبوك وأثناء حضوره لـ مؤتمر الجوال العالمي الذي عُقد مؤخرا في مدينة برشلونة الأسبانية، رد على هذه التساؤلات بقوله: ” إنه الأنسب لنا، وهو يستحق أكثر من ذلك”. وذكر أيضا في تعليقه أن تطبيق(واتس.أب) يستخدمه قرابة النصف مليار مستخدم ويحقق نموا كبيرا جدا في المستخدمين وفي طريقة لمليار مستخدم مايؤهله لأن يكون من القلة القليلة جدا من الخدمات في العالم التي يمكن أن تصل إلى هذا المستوى، وهذا مايجعل قيمتها عالية بشكل لايصدقه البعض.

واتس.أب وإعجاب مليئ بالمخاوف:

وجود عدد ضخم من المستخدمين لـ (واتس.أب) يقارب النصف مليار هو إجماع على الإعجاب بهذا التطبيق، إلا أن مخاوفا كبيرة أرتبطت بهذا الإعجاب بعد الأستحواذ عليه من فيسبوك، وقد تضاعف هذه المخاوف وبشكل كبير بعد أن خرج بعض المختصين في أمن المعلومات ليؤكد زوال جدار الخصوية بسبب سياسية الفيسبوك الرامية إلى التعاون مع الحكومات لكشف بعض الخصوصيات حين الحاجة.
هذه المخاوف تدخل ضمن “مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد” إذ يسيل معها لعاب الشركات المنافسة لفتح أبوابها لاستقبال المستخدمين المهاجرين من خلال زيادة التسويق لمنتجها أو بالترويج للشعائات لزيادة المخاوف وبذلك زيادة مؤشر الهجرة من الغريم التقليدي لها. وفي مثل هذه الظروف التي أرتبطت بمخاوف سابقة متعلقه بالفيسبوك وربطت بـ (واتس.أب) بعد الاستحواذ، استغلت بعض الشركات المنافسة هذا الوقت للترويج لتطبيقها من خلال (دس السم في العسل) إذ ذُيلت بعض الأخبار والشائعات لانتهاك خصوصية (واتس.أب) توصيات باستخدام برامج أخرى تعد الأفضل أمنيا، وفعلاً زاد عدد المستخدمين في بعض برامج المنافسين لـ (واتس.أب) كـ (لاين) و (تلغرام) بشكل غير متوقع على الإطلاق ليفاجئ المستخدمون في بعض البرامج التي توجهوا لها، بعدم وجود الخصوصية التي يريدونها ليستمر معها مسلسل الإنتقال بين هذا وذاك متتبعين في تنقلاتهم الأخبار والشائعات مما حدا ببعض المستخدمين الذي قرروا هجر (واتس.أب) إلى الإستسلام والعودة إليه بعد أن رفعوا حاجز الخصوصية الشخصي بعدم تداول الأشياء الخاصة والإكتفاء بالدردشة الكتابية.

الهجرة من (واتس.أب) إلى (تلغرام):

شهدت الأيام السابقة التي رافقها جدلٌ واسع حيال صفقة فيسبوك الكبرى، هجرةً جماعية إلى تطبيقات أخرى منافسة كان أبرزها (تلغرام) الشبيه إلى حد كبير بغريمه (واتس.أب). ورغم أن البعض يؤكد على وجود علاقة مريبة بين التطبيقين سواء بأن المطور هو شخص واحد يسعى للهيمنة، أو بوجود منافسة شرسة شبه رأسمالية على حساب مشاعر المستخدمين لمثل هذه التطبيقات، إلا أن الأيام القليلة الماضية كشفت عن تسجيل أكثر من مليوني مستخدم في تطبيق (تلغرام) معضمهم من العرب وتحديدا دول الخليج، ويعود ذلك لما روج له عن أن هذا البرنامج أكثر أمانا وخصوصية.
الجدير بالذكر أن تطبيق (تلغرام) الذي تعود ملكيته لـ الأخوين الروسيين (نيكولا ديروف) حاصل على دكتوراه في الرياضيات، و (بافيل ديروف) المدير التنفيذي لشبكة (في كونتاكت)، وقد تعهدا في (تلغرام) بتقديم خدمات لامثيل لها في الأمان والخصوصية بحيث أن مطوري التطبيق يؤكدون على أنه لايمكن لأجهزة الأمن والمباحث التجسس على المحادثات إلا بإذن مالكي التطبيق وهو مالايدخل في سياسية المالكين بل ويتوعدون كل من يحاول ذلك من الحكومات أو اجهزة المباحث بسحب الخادم من دولهم.

حقيقة الإستخدام والتجسس:

تُصنف الأغراض والإهتمامات الشخصية جزءا من الحريات، لذلك فإن أي انتهاكٍ لمثل هذه الحرية يُعد خطراً كبيراً وغير مقبول إطلاقا عند الكثير من الناس. في الحقيقة وبالنظر إلى الأنظمة والقوانين، فإن أمر الخصوصية في برامج التواصل الجماعي تخضع إلى ثلاثة أمور هامة يجهلها أغلب المستخدمين لعدم اطلاعهم وبشكل محدد على تفاصيل اتفاقية الإشتراك ومنه تحميل التطبيقات.

الأمر الأول: ” لقد وافقت على شروطنا فالحق معنا ”

عند تحميل أي تطبيق أو اعادة تحديثة تخرج صفحة خاصة بالشروط، فهل قرأتها قبل الموافقة؟
أغلب المستخدمين لا يضيع وقتا في قرائتها أو الإطلاع عليها، لذلك يعمد كثير من مالكي التطبيقات لوضع كمية كبيرة من المعلومات بحيث يستوحي معها المستخدم صعوبة قراتها ليقارنها بموقت التحميل الذي لايتعدى الثواني، فيهمل وبشكل مقصود قراءة تلك الشروط التي أخذ فيها سياسية (دس السم في العسل).
فحين قراءة تفاصيل بعض الشروط ستجد في أكثير التطبيقات وخاصة المشهورة، الإشتراط بإجراء مسح كامل على قائمة المتصلين وأرشيف الجهاز وفي بعض الأحيان ذاكرته.
هل هذا معقول؟
نعم معقول وبإمكان أي قارئ لهذا الموضوع محاولة حذف أي تطبيقٍ في جهازة شريطة أن يكون مشهورا، ويحاول بعد ذلك إعادة تحميلة وقبل الموافقة قراءة كافة تفاصيل الشروط ليكتشف معها ما سيجعله يتردد في تحميل التطبيق. الأهم من ذلك: أنك حين توافق على ذلك فلهم الحق فعل ما اشتروطه وليس لك الحق في الإعتراض أو رفع شكوى لأنك وبكل بساطة وافقت على الشروط وشكرا.

الأمر الثاني: ” أثارة المشاكل دعوة للتجسس ”
كونك مشبوها، أو التورط مع أشخاص أو منظمات مشبوهه كالإرهابيين أو القاعدة، سيجعلك حتما عرضة للمراقبة والتجسس من قبل المباحث المحلية أو الدولية وهذا ماسيحفز مالكي المواقع الإجتماعية للتعاون مع أجهزة المراقبة والمباحث وربما المبادرة برفع أسمك للسلطات.

الأمر الثالث: ” العالم الإفتراضي مختلف عن الواقعي ”
أغلب مستخدمي مواقع التواصل في الإنترنت يتعاملون معه وفيه بفرضية أن عالم واقعي فيكون مستوى وطريقة تواصلهم مشابهة إلى حد ما إلى الواقع لتوفر الصوت والصوره. ورغم عدم توفر هذه الحاستين في برامج التواصل التي تعتمد لغة الكتابة للتواصل كـ (واتس.أب) إلا أن نشاط المستخدمين فيها مقارب للواقع ويستخدمون الصور الرمزية للتعبير عن حالتهم الواقعة. وفي كثير من الأحيان يرسل المستخدمون مالايعبر عنهم فعلا وإنما هو رمزيات لما يتمنونه أو يتصنعونه يستعرضها المتلقي ويفسرها بحسب كيفية قراءته لها والتي يحكمها أيضا حاله الذهن الواقعية للمتلقي.

مالذي تريدة فيسبوك من استيلائها على أشهر برامج التواصل (من وجهة نظر المحرر):
استولت فيسبوك في عام 2012 على تطبيق (انستغرام) بمبلغ (1) مليار دولار، وفي أقل من سنتين وقبل أيامٍ قلائل أستولت أيضا على تطبيق (واتس.أب)، وربما الأغلبية يتسائل مالذي تسعى إليه إدارة فيسبوك من خلال هذه الصفقات الضخمة والتاريخية؟

يفسر البعض من المختصين التقنيين أن هذا الأمر عائد إلى حمى المنافسة ورغبتها في التوسع والهيمنة وكبح جماح المنافسين من التقدم عليها بما يسمى بـ (السلطوية). أما المحللون السياسيون فقرائتهم للأمر مختلفة تماما فهم يؤكدون على أن مثل هذه الصفقات مدبره وتسعى إلى امتلاك حريات الناس والمجتمعات ومنها (خصوصياتهم) الأمر الذي يعد جزءا من بسط السلطة بمساعدة من العالم الإفتراضي؛ الإنترنت.
وهناك رأي آخر تماما قليلا ماتم تداوله وعرضه ويوافقه المحللون والمختصون الإجتماعيون وعلماء الإنسان؛ وهو أن الشبكات الإجتماعية تضج بالعديد من المعلومات القيمة جدا عن الناس والمجتمعات الذي يمكن دراستها وتحليلها ومن خلال ذلك فهم طبيعة تلك المجتمعات والناس وبالتالي إمكانية التحكم بتلك المجتمعات سواء بالتوجيه الفكري أو السياسي أو حتى الإقتصادي. هذا الأمر يؤكده علم البرمجة اللغوية العصبية، ويؤكده أيضا خبراء علوم الإنسان -أغلبهم أجانب يهود – من خلال دراسات أكدت أن معرفة اهتمامات الإنسان تفصيلياً يمكن استغلالها لتغيير مبادئه وقناعاته وبشكل أسهل مما يتصوره البعض.

دعوة للتأمل والفهم:
كان السياسيون في السابق من الدول العضمى ولفهم بعض مجتمعات الدول الأخرى وخاصة المنافسة، يبذلون الغالي والنفيس سواء بتجنيد الجواسيس أو رشوة العملاء، مستغرقين في ذلك وقتا طويلا للحصول على معلومات صحيحة موثوقة تساعدهم في فهم تلك المجتمعات ومن ثم محاولة الإستيلاء على تلك الدولة بالإستيلاء على عقول الناس تحديدا.
الإستيلاء على أكبر عدد من المعلومات عن الناس والمجتمعات يعد أمرا صعبا جدا في السابق، ولكن الآن ومع تطور وسائل التواصل الحديثة توازيا مع تطور مستوى وطرق البحوق والدراسات، فإن المعلومات التي تمتلكها وسائل التواصل الإجتماعي؛ تحديدا الموصوفة بالخصوصية والأمان، تعتبر معلومات قيمة جدا جدا لما فيها من مصداقية وموثوقية عالية بحكم تعامل المستخدمين معها على أنها خاصة وآمنه لذا فإنهم يتكلمون فيها غالبا كما يتكلمون في الواقع. وبالتالي فإن الحصول على مثل هذه المعلومات ولأكبر عدد ممكن من الناس وفي وقت قصير جدا يعتبر شيئا أشبة بالإعجاز، فحين استخدام مثل هذه المعلومات لتحليلها فإنه من الممكن فعلا أن يتم تحديد اهتمامات المجتمعات الفكرية والحياتية وبالتالي إمكانية توجيهها إلى ما يمكن تسميته بـ “المصلحة الخاصة”.

ولفهم ذلك بشكل أكبر فلنأخذ على سبيل المثال هذا الموقف:

شاب أمريكي عاش في مجتمع عربيٍ ما مدة كافية ليفهم اهتماماتهم وطريقة تفكيرهم، فتبين له أن أغلب الشباب يهتمون بشكل كبير بكرة القدم وأفلام الأكشن. بعد عدة سنوات عمل هذا الشاب في قناة تلفزيونية أجنبية تشتكي ضعف المشاهدين خصوصا في العالم العربي. قرر هذا الشاب مشاركة المدير التنفيذي للقناة ببعض مايعرفه عن اهتمامات الشباب في العالم العربي ونصح بتغيير برامج العرض إلى أفلام الأكشن وأيضا التركيز على كرة القدم. توجه المديرا لتنفيذي لأخذ خطوة غير مسبوقة وذلك بشراء حقوق لعرض مبارات كرة القدم وأخرى لعرض أفلام الأكشن الحديثة في صفقة تقدر بالملايين كادت أن تسبب في إفلاس القناة. بعد سنوات قليلة ارتفع عدد المشاهدين من العالم العربي بشكل كبير جدا تضاعفت معه أرباح القناة بارتفاع سهمها في السوق فحققت تعويضا لتلك الصفقة يقدر بـ خمسة أضعاف.

الشركات المصنعة والتسويقية الكبرى تبحث فعلا عن معلومات قيمة كتلك الموجودة في المواقع الإجتماعية، فهي تساعدها على فهم احتياجات ورغبات الناس هناك وبالتالي تصنيع مايرغبونه فعلا لتتضاعف معه كمية الشراء لتحقيق أرباح كبيرة لتلك الشركات.

فيسبوك .. وبشكل غير مباشر صرحت وبشكل غير مباشر أيضا أنها تتعاون مع الآخرين أصحاب المصالح للإفصاح عن بعض المعلومات في مواقعها ولايكون ذلك إلا بدفع مبالغ كبيرة مقابل الإفاصح عنها وهو ماقد تجازف بدفعها شركة ما ولكن وبعد تحليل تلك المعلومات واستخدامها في التصنيع أو التسويق فإن قيمة الأرباح الكبيرة ستغطي فعلا تلك المبالغ المدفوعة.

بغض النظر عن أن فيسبوك تتعاون لتسريب بعض معلومات مستخدمي مواقعها لوكالات الإستخبارات أو غيرها، فإنني أجزم –بالنظر إلى بعض تعاملاتها- أنها تنتهج هذه السياسية لأجل توسيع أمبراطوريتها في عالم الأنترنت بالسعي الحثيث إلى السيطرة على المنافسين وامتلاك أكبر حصص في العالم الإفتراضي “الانترنت” الذي يُعد أحد أقوى روابط التواصل بين الأفراد والمجتمعات الذي من خلاله يمكن التأثير على توجه وتفكير الناس سواء تجاه مناهج معينة أو منافع اقتصادية رأس مالية، وهذا مالا يريدة سادة وسياسيوا (الولايات المتحدة الأمريكية) لذلك هم يقدمون الدعم الكامل لأصحاب النفوذ الأمريكيين في عالم الانترنت سواء كان دعما ماليا كـ (19 مليار) أو دعما سياسيا يقتضي تشويه سمعه المنافسين أو ربما المساهمة في اسقاط رؤساء دولهم.

خف علينا يا (عضو الكونجرس):
السؤال المتداول الآن بين كثير من مستخدمي (واتس.أب) و (فيسبوك)، خصوصيتي معرضه للتجسس فهل استمر في استخدامها أم الغي حساباتي؟
في الحقيقية إن كنت واحدا من أعضاء الكونجرس الأمريكي أو سياسيا معروفا أو أحد المشبوهين أو المتورطين فقد يكون محتملا تعرض حساباتك للمراقبة أو التجسس.!! ولكن
طالما كنت مواطناً عاديا بعيدا عن الشبهات فلا يجب أن يكون ذلك موضع قلق لديك وبإمكانك استخدام مثل هذه المواقع والبرامج بكل أريحية.

… هذا الخوف من بعض الناس الذي يتبعه ارتفاع مخاوف كثير من الناس، ليس له مبرر إطلاقا، وأرى أنه من سلسلة (مع الخيل ياشقره) وجريا وراء (من خاف سِلم).
ياعالم… كيف الحال.

علي السنني “الأيوب”

الأرض تبكي بعض موتاها، كيف لا وقد قضوا حياتهم يمشون عليها هونا وينشرون من الحب والسلام كثيره خوفاً من الله وأمنا. ثلاثٌ وستون عاما قضاها “أيوبُ الطرف” الشيخ السُنني في نشر الحب والخير في مجتمعة؛ بدءاً بالتعليم في المدرسة وانتهاءً بمنبر الجامع الذي طالما احتضنه يبكي تارة بُعدَ الناس وتقصيرهم في حق الله، ويتألم تارة من وجع الناس وظلمهم لبعضهم البعض، يحمل قلبا مليئاً بالسلام شملِ بعدله وحبه الكثير من الأنام.

مجتمعٌ صالحٌ كبير تمثل في صورة رجلٌ واحدٍ صالح؛ إنه الشيخ علي بن صالح السنني رحمه الله إمام وخطيب جامع السنني بالطرف الذي توفاه الله فجر أمسٍ الخميس على سرير المرض بعد أن جاهد فيه صابراً محتسبا أيوبا، ولم يُعلم عنه حين سؤاله عن مرضه إلا كلمات: “الحمدلله أنا اليوم أحسن من أمس” وهو في الحقيقة غير ذلك ولكنه يُعبر بتلك الكلمات صبرا واحتسابا وإشارة إلى قربه للقاء الله الرحمن الرحيم به.

لقد تمثل الشيخ السنني في علمه وعمله طيلة حياته بالرجل السمت ذو الخلق الرفيع الذي لم تفارقه ابتسامته أبدا حتى في مماته، وقد عُرف عنه برّهُ بأبويه نِعم البر وبمجتمعه أيضا بأن سخر نفسه لإصلاح الناس والتوفيق بينهم فكان كالسد المنيع لأسرٍ كانت ستُهدم وكالحصن المنيع لمجتمعٍ كاد من التقصير أن يُثلم. كان عضواً فاعلاً في العديد من هيئات ومؤسسات القرآن والسنة، ولم يكلّ يوماً أويملّ في المناصحة الصادقة للصغير والكبير والمسؤول وولي الأمر إيماناً منه بالمسؤولية تجاه مجتمعه ووطنه.

واحدٌ وثلاثون عاما قضاها كمعلمٍ محبوب في المدرسة ولم يُعهد عنه كما حدّث عن نفسه أن ضرب طالبا أو حتى نهره أو زجره، كالسحابة الخير يسقي الجميع بهتان حنانه وعطفه، وكالنهر الزلال يفيض بخيره على الضعيف والمسكين وابن السبيل، وأحبه الله لذلك فكُتب له القبول فأحبه الناس وبكو فراقه كما بكته أرض مسجده التي طالما سجد عليها طيلة سبعٍ وعشرين عاما لم تفته فيها صلاة الفجر إلا لعارضٍ أو مرض.

وكأيوب عليه السلام، أبتُليَ الشيخ علي السنني بالعديد من الأمراض فواجهها بسلاح الحمد والشكر والصبر حتى أن بعض مرضه لم يحدث به أحداً حتى أولاده وما علموه إلا بعد أن أعياه التعب واستوجب مساعدتهم. رجلٌ صابرٌ محتسبٌ كهذا لم يفارق رغم مرضه نُصح الناس وتوجيههم واستقبال همومهم وأوجاعهم، لقد كان يستشفي بدعوة خالقه ثم بإصلاحه للناس إيمانا منه كبير أن “الجزاء من جنس العمل” فأوفاه الله وصدقه وعده وشافاه من مرض بعد مرض.

مثل هؤلاء الرجال تبيكهم الناس والأرض، ومثلهم يستعجلُ الله لقائهم فهنيئا للشيخ علي بن صالح السنني لقاءه الله، ونسأله عز وجل أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته.

وفاءً للوطن

الوطن هو الاُم العظيمة التي تحضن الكثير من الأبناء، وحقٌ على هؤلاء الأبناءِ بِـرّها، كيف لا، وقد احتضنهم بكل حبٍ وحنان طيلة ثلاثة وثمانين عاما، وأغدق عليهم بفضل الله الكثير من الخير والعطاء.
ومن حق هذا الوطن الأم علينا أن نحتفي بإنجازاته وأهمُها “توحيده” الذي وُفق له مع رجاله الأوفياء جلالة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراهـ في عام 1351هـ.

ويأتي الإحتفاء بإنجاز “توحيد المملكة العربية السعودية” تحت مسمى ” احتفال اليوم الوطني” إعترافاً بهذا الإنجاز العظيم ورغبة ً في تعزيز هذه الوحدة الوطنية بهدف الحفاظ عليها واستدامتها بإذن الله..

إن المسيرة العظيمة للدولة السعودية والتي نقلتها إلى مصاف الدول المتقدمة وجعلت منها ذات قدرٍ ومكانه عالية بين دول العالم، كانت بفضل الله ثم بمُلوكها الحكماء المخلصين ممن مشوا على نهج أبيهم في تحكيم الشريعة الإسلامية وتطبيقٍ للعدل والمساواة.

ثلاثٌ وثمانون عاما من الأمن والأمان أنعم بها الله علينا بعد توحيد المملكة
ثلاثٌ وثمانون عاما من التقدم والإزدهار خصنا الله بها بعد توحيد المملكة
ثلاثٌ وثمانون عاما من الرخاء والإستقرار باركنا الله بها بعد توحيد المملكة
والمتأمل.. يرى جلياً النقلة النوعية للمملكة في حكومة والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن العزيز آل سعود؛ من تدعيم للأمن والأمان ودفعٍ كبيرٍ لعجلة الإصلاح والتنمية والتطوير إنطلاقاً من عظيم همه واهتمامه بالوطن والمواطن أطال الله في عمرهـ، وواجبنا نحن كمواطنين مخلصين أوفياء:
أن نشارك في الحفاظ على أمن هذا الوطن وأمانه بمحاربة الجهل ونبذ الخلاف والتمييز والتطرف،
أن نشارك في وحدة الوطن بتعزيز التلاحم والترابط بين أفراد المجتمع،
وأن نشارك في دفع عجلة التقدم والتنمية بالعلم والعمل تطلعاً إلى وطن شامخٍ بالعزة عظيم.
وهذا هو البِر الحقيقي المطلوب من المواطن لهذه الأم العظيمة؛ الوطن، وماهو مطلوبٌ من الأم هو فيضٌ أكبر وأكثر من الحب والحنان والعطاء فنقصه يوجب العقوق والتقصير ولاشك.

وطننا الموحدُ العظيم عُمره الآن 83 عاما، وهو في سنٍ يحتاج منا الكثير من الهم والإهتمام والرعاية الدائمة كونـُـه عُمرٌ مليءٌ بالإنجازات والكثير من الخير والعطاء ما جعله محط أنظار الطامعين والحسادين وأصحاب العداء.
بارك الله لنا في وطننا وحكومتنا الرشيدة وأدام علينا نعمة الأمن والأمان وأعان والدنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ونائبه ومستشاريه ومسؤوليه على كل مافيه خير للوطن والمواطن.

احلموا.. فالأحلام تتحقق

كانت بدايته أشبه بكابوسٍ يطاردهـ ويطارد أحلامه التي لم يفهمها ويقدرها حتى أقرب الناس له؛ أهله.

عادل سلطان

أكمل الفصول الأولى في المدرسة ولم يعد قادراً على إكمال ماتبقى فقرر فجأة أن يتركها في سن الرابعة عشر ليعمل كبائع للفاكهة متجول في الشوارع والطرقات. جُن جنون أهله لفعله ووصفه أحدهم بالفاشل وبعض أصدقاءه بالمجنون وكاد أبوهـ أن يتبرأ منه جراء قرار كهذا وعمل كهذا في سن كهذا الذي يُعد في عُرفِ الأب فشلا ذريعاً وبداية لنهاية حتميه ستعود على الأسرة بالعار ولاشك.

هجرهـ أخوانه وأصدقاءه فقد كان وضعه كبائع صغير متجول يشعرهم بكثير الحرج، هذا الحرج الذي كان حاجزاً كبيراً لديه.. فكسرهـ.

الأرباح التي يكسبها “ابراهيم” من بيع الفواكه القليلة كان يشتري بها بضاعة أخرى ويكتفي بالقليل جداً من المال لمطعمه، كل ذلك ساهم في تضاعف المال عنده من مائه إلى الف والفين وثلاثه وهكذا. وفي سن السابعة عشر حصل على مبلغ جيد لاستإجار أول محل لبيع الفواكه واستغل معرفته السابقة لكثير من الزبائن بسبب تجواله في التسويق الجيد لبضاعته وبيعها في وقت قياسي ليشتري بالأرباح بضاعة أخرى أكبر. واستمر به الحال حتى تمكن من استإجار محل آخر ذلك الذي ساهم في مضاعفة دخله وحينها فكر في استثمار آخر كان قد سمع عنه سابقا وهو تجاره الشاحنات.

اجتهد في جمع رأس مالٍ لشراء أول شاحنه (بلدوزر) مستعمله وأضافت له بالفعل دخلاً جيداً كونُ أرباحها تُـحسب بالساعات. كانت فكرته ولأول مره حين فكر بشراء هذه الشاحنة أن يُضاعف أرباحه منها ومن محلات الفواكة والخضار ليشتري شاحنة ثانية وثالثه، ليكون خطوة بخطوة قريبا من حُلمه وهو امتلاك مجمعٍ كبير للشاحنات.

أحلام “ابراهيم” في نظر البعض ونظراً لحاله صعبه التحقق للغايه، ولكنه كان شاباً مؤمنا موقنا بأحلامه فلم يحدث أحداً عنها وأكتفى بالصمت وترك الحديث فقط لعمله وإنجازاته.

سمع فجأة عن أرض كبيرةٍ للبيع في أطراف المدينة وهمّ للسؤال عنها فدُهش لسعرها الزهيد، وسرعان ما زالت دهشته عندما علم أنها مجرد أرض قاحله وبعيدة نوعاً ما عن المدينة. لم يتردد في شرائها فقد كان يحتاج فعلا لمساحة كهذه لكي يعيش ولو جزءاً يسيرا من حُلمه. لقد كان “ابراهيم” وفي كل يوم يذهب ليقف متأملا تلك الأرض القاحله، كان بعضهم يصفه بالجنون ولكنه لم يكن كذلك، فقد كان يحاول فقط مخاطبة أحلامه.

ومرت السنين بلغ فيها “ابراهيم” من العُمر 37 عاما تعلوا الإبتسامة والفرحة محياهـ على الدوام، كيف لا وقد حقق حُلُمه بامتلاك أكبر ساحات لتخزين المعدات الثقيلة في المنطقة، ليس هذا فحسب هو يُعد الآن أكبر موردٍ للمعدات الثقيلة ويجلس بكل فخر بجانب الأمراء وأصحاب الجاه بعد أن أضناه الجلوس على العتبات والتجوال في الطرقات. (مختصر قصة حقيقة)

رسائل:

وراء كل حاجز من الخوف يكمن كنز عظيم

البدايات الصعبة مع كثير الصبر ذاتُ نهايات عظيمة

المحاولات الأولى الفاشلة لايعني فشل التالية

لاتستعجل النجاح فتستعجل الفشل

قرر صعود الجبل دون تخطيط وستسقط

همسه:

أحلموا فالأحلام تتحقق.