Category Archives: مقالات صحفية

بعض من مقالاتي الصحفية المنشورة في الصحف السعودية المتنوعة.

عنان السماء.. طُموحنا

مقال نُشر في صحيفة ارامكو الاسبوعيه نوفمبر ١٧، ٢٠٢٢

من المؤكد أن الصعود إلى السماء أمرٌ صعب ويتطلب الكثير من الإعداد والجهد والوقت، ولكن ولحُسن الحظ يوجد لدينا في الحقيقة مايساوي ذلك في قيمته وشعوره؛ إنها الإنجازات العظيمة، وكُلنا يستطيع ذلك. ”السر العظيم للنجاح في الحياة هو أن تُدرك ما المُقدر لك فعله ثم تقوم بفعله“، يُشير هنري فورد في أحد أشهر مقولاته هذه إلى أن البحث والمحاولة لإكتشاف نفسك وما تجيد فعله هو أحد مفاتيح النجاح، ولا يمكن الحصول على ذلك دون دفع النفس إلى حقول التجارب وعثرات المحاولة، ولا بأس بالفشل، فالفشل كمفهوم لا يعني ”التوقف“ بل يعني أن الوجهة أو الطريقة ليست مناسبة وتحتاج إلى مراجعة او تغيير.

أن تكون عضوا في أعظم شركة في العالم، يعني أن تكون على قدرٍ كبير من المسؤولية والإعتمادية؛ وكذلك هو نحن في شركة أرامكو السعودية، وليس أعظم من أن تستشعر مكانتك كأحد التروس المحركة لإنجازات ونجاحات الشركة على كافة الأصعدة، وأنا وأنت كذلك بالفعل، فقيم الشركة التي فخراً نتحلى ونتمسك بها داخل وخارج اسوار الشركة (التميز، السلامة، المسؤولية، النزاهة، المواطنة) هي الهوية التي تمثلنا وتوجهنا لنكون الأفضل، وتُلهمنا لتحقيق أهدافٍ أعظم. ولأننا جميعاً جادون في تحقيق الأهداف والإنجازات العظيمة لشركتنا أرامكو؛ تلك الأهداف المتوافقة والداعمة لأهداف وطننا العظيم، فنحن نعمل بجدٍ معاً لتحقيق أعلى معايير الإحترافية والجودة عبر تبني ونهج سلوكياتنا الأساسية والمحركة لإستراتيجات الشركة وهي ”الحوار الهادف، التعاون، التمكين، اتخاذ القرار الفعّال“؛ ننهج ذلك في كافة تعاملاتنا اليومية لأنها تمكننا من أن نكون أكثر انتاجية وإبداعاً ومرونة.

لاشك أن رؤية المملكة 2030 رُؤيةٌ مُلهمة لكل القطاعات وأهمها قطاع شركتنا العملاقةِ أرامكو التي تشارك وتقود العديد من مبادرات التغيير والتطوير لتحقيق رؤية الوطن الطموحة المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لجعل العالم أصلح وأفضل للعيش. ومن الأهداف المستدامة السبعة عشر التي تشارك فيها شركتنا العملاقة بشكل فعّال: الطاقة النظيفة والمتجدده، العمل اللائق ونمو الإقتصاد، الصناعة والإبتكار، الإستهلاك والإنتاج المسؤولان، العمل المناخي، الحياة تحت الماء، الحياة في البر، الصحة الجيدة والرفاه، المساواة بين الجنسين. ستحقق شركتنا عبر هذه الأهداف والمبادرات حتماً إنجازات عظيمة لأننا، أنا وأنت وأنتي، نعمل فيها معاً بروح الفريق الواحد عبر وجهةٍ، ونعي جيداً الأهداف والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا لنحتفل معاً في المستقبل القريب بالإنجازات التي تساوي شعور الصعود إلى عنان السماء.

ما وراء طريق الموت العقير

فرح الأحسائيون منذ أكثر من ثمان سنوات بتطوير وافتتاح شاطئ العقير كوجهة سياحية متميزة لطالما حلموا بها، إلا أن غيمةً سوداء خيمت على قلوبهم ومازالت جرّاء الحوادث المميتة والمتكررة على الطرق المؤدية للشاطئ والتي كلّت وملّت معه أصواتهم مُـنـَـاشدةً ونداءاً لإيجاد حلول ناجعة.

في كل حادثِ موت على طريق العقير الجنوبي منه والشمالي وآخره قبل أيام راحَ ضحيتهُ تسعة أبرياء، يرتفع صوت المجتمع مندداً بتقصير المسؤول ومُلقياً لومهُ على مايرتبط بالطريق كاحتياجه للطريق المزدوج أو وسائل السلامة أو المراقبة المرورية، ويخرج صوت المسؤول كإدارة النقل وكالعادة ليؤكد أن الأسباب ليست الطريق وإنما سلوكيات قائدي المركبة وهي ليست من اختصاصه! عجباً.

ويتساءل المتضرر والمواطن: لماذا تم افتتاح الطريق في ظل افتقاره للأمن والسلامة؟ مادور غرفة التخطيط الاستراتيجي؟ أوليس لسلوكيات هؤلاء المتهورين وأخطائهم بل أخطارهم جهاز للضبط وحُلول؟ ماذنب الضحايا الأبرياء مَن قـُـتلوا بسبب أخطائهم؟ ماذنب من يُـتّموا ومازالوا يتجرعون مرارة اليُتم؟ ألم يُخصص جهاز كامل لذلك كإدارة المرور ؟ مادورهم؟ بل أين أدواركم التكاملية؟

وراء الأكمة ماوراءها

قد لا يرى البعض ومنهم المسؤول تلك الزوايا الخطيرة في الأثر البالغ على المواطن والمجتمع بشكل عام جّراء تكرار حوادث الموت ولسنوات عدة دون إيجاد حلول ولو مؤقتة لوقف نزيف الدم على الطريق الذي أسماهُ الأحسائيون ومن رحم معاناتهم: طريق الموت.

تموت على الطريق عائلةٌ فيتـَــيتمُ أبناءها، ويذهبُ رب أسرةٍ كان عائداً من عمله ضحيةً فتبكيه زوجته وأبناءه فلا عائل لهم بعد الله إلا هو، فعيش جميعهم مرارة اليُتم وخوف المستقبل تلاحقهم الأضرار النفسية والإجتماعية فينتجُ عن ذلك في المجتمع مواطنٌ ضعيف غيرُ فاعل عوضاً عن الأضرار الإقتصادية كفتح ملفات جديدة في الضمان الإجتماعي والجمعيات الخيرية – وأرشيفهم يتحدث.

ويموتُ شابٌ في مقتبل العمر كان سنداً لأبويه في حادث مأساوي على الطريق فيفجعُ والداهُ بفقده متضررين نفسياً واجتماعياً، ويتكرر الأمر مع أسرة سواء بموت أحد أبناءهم أو بفقده في المستشفيات طريحاً مشلولا أو معاقا مخلفاً أضراراً اقتصادية أخرى، فيوغل ذلك صدور أهليهم وذويهم على المسؤولين يصاحبة شعور يقوّض فيهم الحب والإنتماء لهذا البلد الطيب – وهذا حقيقة مانراه ونسمع -فليصارحوكم.

لا نحاول أبداً تكبير القضية فهي كبيرة بالفعل، ولا يشعُر بها إلا من يعانيها، نستعرض تلك الزوايا لأننا نلمسها في الناس وأنما نحن أصواتٌ لمن لاصوت له ولسان لمن لا يستطيع التعبير ومُحبونَ غيورون على هذا الوطن الكريم ومواطنيه.

ما المشكلة؟ مالحل؟

في الحقيقة أن المشلكة تقعُ على عاتق الجميع: المسؤول، المواطن، المتسبب في الحادث. ولكن الأهم من ذلك التعرف على الأسباب الجذرية للمشكلة من تدلنا على حلول حقيقية ناجعة. وتتلخص الأسباب حقيقة في سلوكيات قائدي المركبة الغير مراقبة، وغياب الدور التكاملي بين الجهات المعنية كأن يكون هناك فريق عمل مشترك بين ادارة الطرق والمرور وأمن الطرق وأمانة الأحساء والهلال الأحمر والمواطن أيضا.

ومؤقتا وعاجلا يحتاج الطريق للتالي:

مسؤولية إدارة النقل

توفير مواقف للطوارئ على جانبي الطريق، ومتابعة معالجة زحف الرمال بشكل عاجل من خلال مراقبة الطريق أثناء مواسم الرياح خاصة، وتوفير اللوحات الإرشادية والتحذيرية ومنها مناطق تجمع الضباب والجمال السائبة.

مسؤولية إدارة المرور

مراقبة الطريق بشكل كامل ودائم وتكثيفه خاصة في أيام وأوقات الذروة لضبط سلوكيات قائدي المركبة ومنها السرعة، استخدام الجوال، التجاوز الخاطئ، والرفع عن اي مشكلات خطرة بالطريق للجهات المعنية الأخرى. ماذا لو استحدت نقطة أمنية هناك لممارسة التوعية الحقيقية ميدانيا ومن ذلك تنبيه المسافرين وتمني السلامة لهم؟ سيكون لها أثر ووقع ايجابي كبير ومنها احساس المواطن بالإهتمام والرعاية وهو فعلا مايضبط ويوجه السلوك مقارنة بالعقاب.

مسؤولية أمن الطرق

البدء بمراقبة الطريق أمنياً فهو طريق شبه مقطوع حالياً وتواجد أمن الطريق يحقق نوعاً من الأمان سواءا بضبط حركة الجمال السائبة أو بضبط بعض تصرفات المتهورين من قائدي الشحانات والمركبات الأخرى وخاصة بالليل، فما يدعوا للكثير من سلوكيات القيادة السلبية هو انعدام الرقابة الأمنية وأمن العقوبات.

مسؤولية أمانة الأحساء

تفعيل السياحة في أرض العقير يعني استخداما أكثر للطريق من قبل المواطنين والسياح، ولكن الطريق بشهادة الكثير خطر! فعليها تكرماً وبشكل جدي التنسيق مع الجهات المعنية الأخرى كالمرور وأمن الطرق والهلال الأحمر لوضع خطة مراقبة وضبط على هذا الطريق أثناء المواسم للتقليل من الحوادث المميتة.

مسؤولية المواطن

التحول لعين ثالثة للجهاز الأمني بالتبليغ عن السلوكيات الخاطئة في القيادة لأي كان من المركبات، والممارسة المتبادلة للقيادة الآمنة بين الآباء والأبناء والأصدقاء كأن نؤكد على ربط الحزام جميعاً أو لا نستخدم الجوال أثناء القيادة أو أن نسرع فحياتنا أهم. هذا السلوك الأمن للقيادة عندما ينتشر ممارسةً من الجميع سيضيق الخناق على المتهوين للرضوخ إلى تأثير البيئة المحيطة وتغيير سلوكياتهم إلى الأفضل.

صوتُ مكلوم

أرجوكم لا نريد موتاً آخر وحُزناً آخر وخوفاً آخر يسكن قلوبنا فمن حقنا أن نعيش الرفاهية في هذا البلد الطيب دون عناء وتعب دون الحرص على كتابة وصيتنا قبل الذهاب سائحاً مستمتعاً على طريق العقير.

 

نُشر في الأحساء نيوز

مُؤامرة وعي

يمتطي مجتمعنا حالياً فرساً سريعاً في ساحة التطور الإجتماعي والعمراني الجميل، ومع هذا التغيير السريع ظهرت لنا مستنقعاتٌ عديدة ساهمت في تعكير صفو الجمال الأخلاقي المتوافق مع هذا التطور الجميل والموافق للرقي والذوق الرفيع الذي امتازت به قيمنا الاسلامية.

مستنقعات ضعف الوعي نتاجها سلوكيات لأشخاص عديمي المسؤولية والاحترام لأنفسهم وللآخرين ولهم للأسف تأثير سلبي كبير فمقلدوهم من عامة الناس متوسطي الوعي كثر.
تُنشئُ حديقةٌ متميزةٌ لهم فيأتي حضرتهم للإستمتاع ثم يكافؤون ذلك بالتحول إلى جراثيم تنشر عدوانها وفسادها برمي القاذورات وربما بتخريب الممتلكات العامة التي وضعت خصيصا لهم.
يذهب مسافرا مع أبناءه في طريق جديد نظيف متباهيا به فيفتح النافذة، يرمي القاذورات، ثم يرميها بعده أبناءه وسط ترحيب من الجميع، فواعجباً.


تنتقل أسفا تلك السلوكيات كورم سرطاني من جيل إلى جيل طالما كان لها قدوات وآخرون لا منكرون.


أؤمن كثيراً بضرورة تبني مؤامرة عنوانها (رفع الوعي) يقوم بأدوارها العقلاء من الأفراد والمؤسسات التعليمية والاجتماعية لنشر فيروس الوعي في عقل كلٍ فردٍ بدءا من الأسرة (الوالدين) ثم المدرسة ثم المسجد ثم الشارع عبر برامج تكاملية تتبع ضعف الوعي فتُقِيمُه؛ عندها لن ننشغل بإعادة سن القوانين وتغليظ العقوبات لضبط مثل تلك السلوكيات السلبية، فالفرد عالي الوعي سيكون هو سيد القانون وأداة الضبط.


هي دعوة جدية لأولي الأمر عبر ذوي الاختصاص للنظر في وسائل وأدوات الوعي العلمية الصحيحة لبناء برنامج تُغزى به تلك المستنقعات فتجفف بتعاون مشترك بين مؤسسات رعاية الأسرة والمؤسسات التعليمية وانتهاءا بالمؤسسات الاجتماعية بهدف تحويل كل أفراد المجتمع إلى مجتمع مسؤول وعلى درجة عالية من الرقي والتحضر توافقا مع التطور المنشود فلا جمال للمظهر مع فساد الجوهر.


نشر في جريدة اليوم*

http://www.alyaum.com/article/4205184#.WbLTFNcDwao.whatsapp

الصالح صالح

تلبدت السماء في ذلك اليوم بالغيوم عيوناً للأرض كانت تعتصر دمعها حُـزناً عليه، ويكفيهِ من ذلك كُلِه أن السماء كانت فعلا تبكيه.

لم يكن دُكانِه الصغير الذي أسماه “بقالة القناعة” اسماً بالمصادفة!! بل كان يمثل شخصية صاحبة القانع الرضي. في زاويةٍ أمام باب الدكان النص زجاجي، كان يجلس على كرسيه كالملك، كالقاضي، كالحكيم، كالمربي والموجة، لم يكن مجرد بائع. يقصدة الشيخ الكبير طلباً للعلم والحكمة، فقد كان قارءاً جيدا ومُطلعا في العديد من العلوم والمعارف. يُجالسه من الشباب الكثير بقصد المرح والتوجيه، فقد كان صاحب حديثٍ وأحاديثَ لا تُمل. يُحبه الطفلُ الصغير فرحاً وأُنساً بلينه وبشاشته وكرمه، ويُقبلُ عليه السائلُ والفقير لجوده وسخاء يده.

رجلٌ خفيٌ تقيْ، يعرفه القليل من أهل الأرض ولكن السماء تعرفه أكثر. رجل من البسطاء لم يتعلم العلم ولكنه كان مدرسة للأخلاق والعلم والمعرفة. لم يكن دُكانه الصغير ذاك مجرد دكانٍ للبيع، بل كان جامعة متعددة الأقسام؛ قسمٌ لغرس وتعزيز المبادئ والقيم، وقسمٌ للتحفيز على المعالي من الأمور وصادق الهمم، وقسمٌ للحكمة والموعظة، وقسمٌ آخر للإستشارات وحل القضايا وإبراء الذمم؛ فكم من مشكلةٍ او ضائقةٍ عُرضت في دكانه وبفضل الله ثم هو قد حُلّت، وكم من استشارة طُلِبت منه وبفضل حكمته وتوجيهاته هِداياتٌ ونجاحاتٌ لصاحب الإستشارات تجلّت، وكم من القصص المشوقة وأحداث الأولين الماتعة وذات العِبر حكاها لمجالسيه يقصد بها النصح والتوجيه فساهمت في حُسن التفكير والاختيار والتدبير.

خمسة وثمانون عاما من العصامية بنى فيها الشيخ (صالح) نفسه بنفسه، عاش فيها كريماً عزيزاً وعنواناً للقناعة والرضى، تميز في بداياتها ببره بأبويه حتى شهد له أحد الكبار الثقات أنه كان من أعجب الناس برا بأبويه، وحدّث عنه قائلا: “ذهب في شبابه ليعمل خارج البلد في أعمالٍ كانت ستجعله من أغنى الناس، فطلبه أبوه للعودة لمساعدته في أعمال مزرعته الشاقة، فلبى النداء دون تردد تاركاً وراءة كل مغريات المال والدنيا”. فكان له من هذا البر أن تحقق له في أبناءه “بروا آبائكم تبركم أبنائكم “.

لقد عشق الشيخ (صالح) منذ نعومة أظفاره خطواته إلى المسجد فلم يتهاون أو يتكاسل عن تكبيرة الإحرام أبدا، وإلى وقت قريب يوم أن دكّ الكِبرُ العِتيُ ركبتيه، كان يدافع نفسه على كرسيه المتحرك إلى المسجد، وإن فاته لعرضٍ أو طارئ فرضٌ للصلاة في المسجد، إنكب على نفسه ينتحب ويبكي بكاء الطفل لا يُهدّؤه إلا أن يُعوّض بالذهاب به باكرا إلى الصلاة التالية.

أحبَ كتاب الله فأحبه الله بأن حفِظ له سمعه وبصره، فعكفَ على قراءة القرآن يختمهُ كل شهر مرة او مرتين او حتى ثلاث، وروى عنه أحد أبناءه المقربين الثقات أنه أحسن اجتهاداً في أحد الشهور فختم القرآن أكثر من عشر ختمات متتالية، فصدق فيه قول الحق تبارك وتعالى: ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين “.

عُرف عن الشيخ (صالح) أنه كان دائماً بشوش الوجهِ مُتهللا، مُحباً للخير وأهل الخير معطاءاً سخيا، غَنِم من سخائه جميع أهله، ومساجدٌ وجوامعُ كثيرة، وأسرٌ محتاجةٌ وفقيرة، لم يقطع عنها عطاءه بنفسه حتى في أيام عجزهِ على كرسيه، فقد كان يذهب إليهم ويُصر على مُرافقيه أن ينزلوه على كرسيه ليسلّم العطايا أو الصدقة بيده، فتسللت إلى السماء دعوات هؤلاء الفقراء وتلك المساجد فبارك الله له في ماله وعياله، وحفِظه حفظاً زانت معه إلى آخر يومٍ في عُمره جميع جوارحه وأجزاءه تتمتم بالقرآن وتهذي بسماع الآذان، ثم طابت روحه وأنفاسه إلى أن فاضت إلى بارئها نهار يوم الخميس.
رحم الله الشيخ الفقيد أبو سعد (صالح بن ابراهيم بوبشيت) رحمةً واسعة من عنده وأسكنه فسيح جناته، وعلى مثل هذا الرجل تبكي الأرض ومحرابه شاهدٌ على ذلك.

علي السنني “الأيوب”

الأرض تبكي بعض موتاها، كيف لا وقد قضوا حياتهم يمشون عليها هونا وينشرون من الحب والسلام كثيره خوفاً من الله وأمنا. ثلاثٌ وستون عاما قضاها “أيوبُ الطرف” الشيخ السُنني في نشر الحب والخير في مجتمعة؛ بدءاً بالتعليم في المدرسة وانتهاءً بمنبر الجامع الذي طالما احتضنه يبكي تارة بُعدَ الناس وتقصيرهم في حق الله، ويتألم تارة من وجع الناس وظلمهم لبعضهم البعض، يحمل قلبا مليئاً بالسلام شملِ بعدله وحبه الكثير من الأنام.

مجتمعٌ صالحٌ كبير تمثل في صورة رجلٌ واحدٍ صالح؛ إنه الشيخ علي بن صالح السنني رحمه الله إمام وخطيب جامع السنني بالطرف الذي توفاه الله فجر أمسٍ الخميس على سرير المرض بعد أن جاهد فيه صابراً محتسبا أيوبا، ولم يُعلم عنه حين سؤاله عن مرضه إلا كلمات: “الحمدلله أنا اليوم أحسن من أمس” وهو في الحقيقة غير ذلك ولكنه يُعبر بتلك الكلمات صبرا واحتسابا وإشارة إلى قربه للقاء الله الرحمن الرحيم به.

لقد تمثل الشيخ السنني في علمه وعمله طيلة حياته بالرجل السمت ذو الخلق الرفيع الذي لم تفارقه ابتسامته أبدا حتى في مماته، وقد عُرف عنه برّهُ بأبويه نِعم البر وبمجتمعه أيضا بأن سخر نفسه لإصلاح الناس والتوفيق بينهم فكان كالسد المنيع لأسرٍ كانت ستُهدم وكالحصن المنيع لمجتمعٍ كاد من التقصير أن يُثلم. كان عضواً فاعلاً في العديد من هيئات ومؤسسات القرآن والسنة، ولم يكلّ يوماً أويملّ في المناصحة الصادقة للصغير والكبير والمسؤول وولي الأمر إيماناً منه بالمسؤولية تجاه مجتمعه ووطنه.

واحدٌ وثلاثون عاما قضاها كمعلمٍ محبوب في المدرسة ولم يُعهد عنه كما حدّث عن نفسه أن ضرب طالبا أو حتى نهره أو زجره، كالسحابة الخير يسقي الجميع بهتان حنانه وعطفه، وكالنهر الزلال يفيض بخيره على الضعيف والمسكين وابن السبيل، وأحبه الله لذلك فكُتب له القبول فأحبه الناس وبكو فراقه كما بكته أرض مسجده التي طالما سجد عليها طيلة سبعٍ وعشرين عاما لم تفته فيها صلاة الفجر إلا لعارضٍ أو مرض.

وكأيوب عليه السلام، أبتُليَ الشيخ علي السنني بالعديد من الأمراض فواجهها بسلاح الحمد والشكر والصبر حتى أن بعض مرضه لم يحدث به أحداً حتى أولاده وما علموه إلا بعد أن أعياه التعب واستوجب مساعدتهم. رجلٌ صابرٌ محتسبٌ كهذا لم يفارق رغم مرضه نُصح الناس وتوجيههم واستقبال همومهم وأوجاعهم، لقد كان يستشفي بدعوة خالقه ثم بإصلاحه للناس إيمانا منه كبير أن “الجزاء من جنس العمل” فأوفاه الله وصدقه وعده وشافاه من مرض بعد مرض.

مثل هؤلاء الرجال تبيكهم الناس والأرض، ومثلهم يستعجلُ الله لقائهم فهنيئا للشيخ علي بن صالح السنني لقاءه الله، ونسأله عز وجل أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته.

احلموا.. فالأحلام تتحقق

كانت بدايته أشبه بكابوسٍ يطاردهـ ويطارد أحلامه التي لم يفهمها ويقدرها حتى أقرب الناس له؛ أهله.

عادل سلطان

أكمل الفصول الأولى في المدرسة ولم يعد قادراً على إكمال ماتبقى فقرر فجأة أن يتركها في سن الرابعة عشر ليعمل كبائع للفاكهة متجول في الشوارع والطرقات. جُن جنون أهله لفعله ووصفه أحدهم بالفاشل وبعض أصدقاءه بالمجنون وكاد أبوهـ أن يتبرأ منه جراء قرار كهذا وعمل كهذا في سن كهذا الذي يُعد في عُرفِ الأب فشلا ذريعاً وبداية لنهاية حتميه ستعود على الأسرة بالعار ولاشك.

هجرهـ أخوانه وأصدقاءه فقد كان وضعه كبائع صغير متجول يشعرهم بكثير الحرج، هذا الحرج الذي كان حاجزاً كبيراً لديه.. فكسرهـ.

الأرباح التي يكسبها “ابراهيم” من بيع الفواكه القليلة كان يشتري بها بضاعة أخرى ويكتفي بالقليل جداً من المال لمطعمه، كل ذلك ساهم في تضاعف المال عنده من مائه إلى الف والفين وثلاثه وهكذا. وفي سن السابعة عشر حصل على مبلغ جيد لاستإجار أول محل لبيع الفواكه واستغل معرفته السابقة لكثير من الزبائن بسبب تجواله في التسويق الجيد لبضاعته وبيعها في وقت قياسي ليشتري بالأرباح بضاعة أخرى أكبر. واستمر به الحال حتى تمكن من استإجار محل آخر ذلك الذي ساهم في مضاعفة دخله وحينها فكر في استثمار آخر كان قد سمع عنه سابقا وهو تجاره الشاحنات.

اجتهد في جمع رأس مالٍ لشراء أول شاحنه (بلدوزر) مستعمله وأضافت له بالفعل دخلاً جيداً كونُ أرباحها تُـحسب بالساعات. كانت فكرته ولأول مره حين فكر بشراء هذه الشاحنة أن يُضاعف أرباحه منها ومن محلات الفواكة والخضار ليشتري شاحنة ثانية وثالثه، ليكون خطوة بخطوة قريبا من حُلمه وهو امتلاك مجمعٍ كبير للشاحنات.

أحلام “ابراهيم” في نظر البعض ونظراً لحاله صعبه التحقق للغايه، ولكنه كان شاباً مؤمنا موقنا بأحلامه فلم يحدث أحداً عنها وأكتفى بالصمت وترك الحديث فقط لعمله وإنجازاته.

سمع فجأة عن أرض كبيرةٍ للبيع في أطراف المدينة وهمّ للسؤال عنها فدُهش لسعرها الزهيد، وسرعان ما زالت دهشته عندما علم أنها مجرد أرض قاحله وبعيدة نوعاً ما عن المدينة. لم يتردد في شرائها فقد كان يحتاج فعلا لمساحة كهذه لكي يعيش ولو جزءاً يسيرا من حُلمه. لقد كان “ابراهيم” وفي كل يوم يذهب ليقف متأملا تلك الأرض القاحله، كان بعضهم يصفه بالجنون ولكنه لم يكن كذلك، فقد كان يحاول فقط مخاطبة أحلامه.

ومرت السنين بلغ فيها “ابراهيم” من العُمر 37 عاما تعلوا الإبتسامة والفرحة محياهـ على الدوام، كيف لا وقد حقق حُلُمه بامتلاك أكبر ساحات لتخزين المعدات الثقيلة في المنطقة، ليس هذا فحسب هو يُعد الآن أكبر موردٍ للمعدات الثقيلة ويجلس بكل فخر بجانب الأمراء وأصحاب الجاه بعد أن أضناه الجلوس على العتبات والتجوال في الطرقات. (مختصر قصة حقيقة)

رسائل:

وراء كل حاجز من الخوف يكمن كنز عظيم

البدايات الصعبة مع كثير الصبر ذاتُ نهايات عظيمة

المحاولات الأولى الفاشلة لايعني فشل التالية

لاتستعجل النجاح فتستعجل الفشل

قرر صعود الجبل دون تخطيط وستسقط

همسه:

أحلموا فالأحلام تتحقق.

الفتح.. الله يفتح عليكم

الفتح والفتوحات حديث الناس والساعة.. وهل يلامُ الناس في ذلك؟ لا
فهذا النادي الأحسائي العريق “نادي الفتح” امتطى في وقتٍ قريب قصير صهوة جواد النصر والفتوحات فراح يهزم بسيف ابداعة كل التوقعات السلبية والتشكيك في امكانية تحقيقة الانجازات ومقارعة الكبار من الأندية السعودية، وأثبت ذلك بتحقيق انجازات كبيرة البعض منها تاريخي.

حديثي هنا عن نادي الفتح ليس رياضيا بالتحديد ولكنه اجتماعيٌ بالدرجة الأولى ويحكي أهدافاً اجتماعية سامية قد يحققها نادي الفتح توافقاً مع أهدافة الرائعة في شباك الخصم واحتلاله للصدارة وقريبا الكأس. وأول هذه الأهداف وأكثرها أهمية هو رفع راية الأحساء عالياً وتشريفها كنادٍ احسائي محترف نموذجي، وهو بذاك ولاشك يساهم في جذب أنظار الشريحة الأكبر من المهتمين وهم الرياضيين، وكذلك المستثمرين والسياح على حد سواء ما سيدفع عجلة التقدم والتطوير الاقتصادي.

ومن الأهداف السامية الأخرى التي يمكن أن يشارك في تحقيقها نادي الفتح هو وحدة الأحسائيين من خلال تعزيز روح التضامن والتعاون بخلق اهتمام واحد نحو موضوع واحد هو الفتح لأجل الأحساء، وهو بالفعل مانسلمه حقيقة من إدارة الفتح في تعامل واهتمام احترافي بجذب وتشجيع جميع الأحاسئيين لنصرة النادي ليس لأجل النادي فقط بل لأجل الأحساء.

نعم لأجل الأحساء أيها الأحسائيون الكرماء، أوليس الفتح يمثل اسمه حين تحقيق كل ماذكرناه سابقا! فتوحات عظيمة سيرسمها للأحساء ومجتمعه، ولن يكون ذاك إلا بالتفاتةٍ واحدة من الجميع: نوادٍ، رابطة مشجعين، أفراد، جماعات، شركات ومؤسسات.. وقفةٌ أحسائية واحدة لمؤازرة نادي الأحساء “الفتح” في مباراته الأخيرة والحاسمة مع الأهلي، لأجل الأحساء والفتوحات القادمة على يد الفتح.

“ولد بطني ويعرف رطني”

مثلٌ يعرفة جيداً أهل الأحساء ويعني أن الأقرب لي هو أعرف بما أفكر وأريد. وأهل الأحساء بالتأكيد يعرفون مايريده منهم ناديهم وممثلهم الأقوى في الدوري “الفتح “، وهو زحف كبير من كل الاحاسئيين لمؤازة النادي لتأكيد فوزة ورفع أسم الأحساء عالياً.

خف علينا يالمثقف

“المثقف من يستطيع عقله مراقبة نفسه” – ألبير كامو

زارني لأول مرة في البيت وفي تبادلٍ لأطراف الحديث أشارت عينه على مجموعة من الكتب في مجلسي فقال: ياخي ماشاء الله عليك أنت مثقف. ابتسمت فسألته: وكيف عرفت اني مثقف؟ قال: ياخي هالكتب الكثيرة ماشاء الله. لم اشأ اطالة الحديث فأنهيته بالشكر والتواضع له.

هذا الموقف حقيقة دفعني لتأمل مجتمعنا وكيفية تناوله لتعريف ومفهوم الثقافة والمثقف، وكيف للكثير أن أخطأوا في تعريفة باستخدامه كوصفٍ لحال غير مطابق لمعناه ومفهومه الحقيقي. وفي جانب ٍ آخر خطير هناك بعض الجهلة من الناس تناولوا كلمة “المثقف” بشكل سلبي باستخدامها في مواطن السخرية وربما السِباب، وعلى سبيل المثال: شخص واع ٍ جاء ليتحدث مع أصدقائه عن موضوع مهم فهو يفصل فيه بشكلٍ ماتعٍ بليغ فإذا به يفاجئ بأحدهم -جاهل- يقاطعه بقوله: “أقول خف علينا يا المثقف” !!

إن سبب التوظيف الخاطئ أو السيء لبعض الكلمات الوصفية “الإيجابية” وتحويرها إلى أوصاف سلبية هو الجهل بمعناها ومفهومها ولاشك، وقد كان من واجب العارفين – كمعلمي النحو والبلاغة والنقد – أن يبينوا للعامة وينيروا بذلك لمفاهيمهم الطريق.

أحسبني واحداً من المهتمين والمتأملين وليس العارفين أو المثقفين كما وصفني ضيفي الكريم سابقا ، لذلك سأحاول جاهداً تصحيح المعنى والمفهوم الخاطئ لـ ” المثقف” عل وعسى أن يتوقف التوظيف السيء لها والإساءة لمفهومها والمتصف بها.

ذكر في المعاجم أن:

الثقافة والمُثقف من (ثَقُفَ)

ثَقْفاً وثَقَفاً وثَقافَةً: أي صارَ حاذِقاً خَفِيفاً فَطِنا (1)

…..

ثَقَفْتُ الشيء إذا عدلته أو أقمته، وهو إقامة دَرْءِ الشيء.
ويقال ثَقَّفْتُ القناةَ إذا أقَمْتَ عِوَجَها. قال:
نَظَرَ المثقِّفِ في كُعوب قناتِهِ … حَتَّى يقيم ثِقـَافَهُ منآدَها (2)

ومن ذلك كله نخلصُ إلى أن المثقف صفة ٌ تطلق على الإنسان الحذق الفطن وليس كل قارئ للكتب أو كاتب في مجلة أو صفحة ما أو حاضر أو مشارك في المنتديات الثقافية والإعلامية. وفي إطلاع وتأمل آخر في هذا الموضوع وجدت أن ارتباط هذا الوصف بالكتب أو القارئ ماهو إلا لحقيقة أخرى وهي أن القراءة غذاء للعقل ولاشك توسع مداركة وتزيد من علمه وبصيرته فهو من باب أولى صائر بذلك إلى الحذاقة والفطنة، ولكن المعنى والمفهوم لـ “مثقف” يدلنا على أنه ليس كل قارئ أو كاتب مثقف وليس كل مثقف يجب أن يكون قارئ أو كاتب.

عزيزي القارئ أنت عرفت الآن وستلتزم باستخدام هذه الكلمة في مكانها الصحيح ولن تسيء لمعناها باستخدامها سلبيا في حديثك، ولـ تفرح كثيرا لو جاءك أحدهم وقال ساخراً : “خف علينا يالمثقف”.

(1) القاموس المحيط

(2) مقاييس اللغة

الإبتسامة وسحر التغيير

أعتدت صباحاً أو مساءً أن أقف عنده ليقوم بتزويد سيارتي بالوقود، وأعتاد في كل مرةٍ تذكيري – الضغط – على الزر المخصص لفتح بوابة تعبئة الوقود، ولم أكن أعلم حقيقة ً ما سبب نسياني لذلك رغم عدم انشغالي أو تمردي على الخصوصية والسلامة الموجبة من ذلك، وربما كان تقدير قادرٍ حتى يكون لي كثير حديثٍ معه ليس إلا؛ مايسمى بـ كسر الجليد أو الحاجز وهذا بالفعل ماتبين لي لاحقاً.

عند قدومي أو فور فراغة من تعبئة الوقود يتقدم إليْ وفي كل مرة تتكرر مواجهتي له أرى في عينية بعض اليأس والتعب وربما البؤس!! فكنت أُدفئ ذلك بابتسامة صادقة مني يتخللها شكرٌ خالص من القلب يشعر معها أنه فعلَ شيئا عظيما وربما استغرب ابتسامتي وشـُـكري إياه وتسائل في نفسه: ترى مالشيء العظيم الذي فعلته؟ ولماذا لا يبتسم لي غيره؟؟؟

لم أشك في لحظة من اللحظات ان علامات اليأس والبؤس الظاهرة على محياة هي مجرد قناع ٍ لإستدرار العطف والحصول على شيءٍ من المال ولو كان ريالا واحدا، لم أشكك ابداً رغم بعض الوساوس الشيطانية ،وعلى العكس من ذلك كنت صادقاً مع نفسي ومعه في ابتسامتي له وشكري.

وبعد مدة ٍ ألـِـفني كثيراً وربما –تكرُرُ نسياني الضغط على ذلك الزر- جعلة يبتسم لي وكأنه يقول : \”إيش هذا!! كل مره انتا ينسى؟؟ \”،، فأكتفي بالرد عليه أيضا بابتسامة ضارباً ممعها مقدمة رأسي باطراف أصابعي اشارة ً وتأكيداً لنسياني الذي خالطه شيءٌ من حرجي. لم أتفف أو اتضجر منه أو اظن بأنها ابتسامته كانت مجرد سخرية أو وقاحة منه، أحسنت الظن به وزاد ارتسام ابتسامتي وشكري وثنائي له.

وفي مرةٍ من المرات ومن خلال ابتسامة بادلني إياها شعرت معها أنه مرتاح البال طيبُ الخاطر، جال في خاطري أن أنصحة بكلمتين ألهمني إياها المولى عز وجل؛ فقلت له: كيف صلاة؟ فرد: كويس. فشعرت من ردهـ أنه مقصر فيها كثيرا وهو بالفعل كذلك حين استفسرت عنه لاحقا. فأردفت قائلا: لازم سوي صلاة كل يوم، عشان الله يوفق أنتا. وسألته: في مصلى هنا؟ مين سوي اذان؟ قال: مافي نفر؟ فقلت: كيف مافي ؟ أنتا موجود.. خلاص سوي اذان ويكسب أجر كبير. رمقني بنظرة استغراب!!؟ ورددت عليه بابتسامة كبيرة اهتز معها لا شعورياً رأسي تأكيدا ورضا. فقال: الله كريم.

ادرت محرك السيارة مولياً إلى عملي،، وفي مراقبتي الخلفية له من المراية المعلقة أمامي رأيت على وجهه ابتسامةً كبيرة ويدا ً تلوح بالسلام علي.

وأصدقكم القول مر وقت طويل بعد هذا الموقف لم يــُــكتب لي أن أقف عند تلك المحطة رغم قربها من منزلي، لسبب تواجدي خارج البلد لعملٍ خاص.
ومنذ ذلك الموقف حين تركته بابتسامة صادقه وودعني بمثلها تشهدُ له يده الملوحة بالسلام، وعبدالرحيم -عامل محطة البنزين- يرفع الإذان ويقيم الصلوات الخمس لايترك فرضاً منها أبدا، بشهادة المداومين على الصلاة في ذلك المصلى، وقد صلــُـح حاله واطمأنت نفسه وشاهـِـدُ ذلك الإبتسامة التي لاتفارق محياه والجد والإجتهاد الملحوظ. وبعد ذلك كــُــتب له من الخير الكثير فقد قدرَ له المولى عز وجل أن يكون مشرفا ثم مديرا للمحطة حالياً، وما ذلك إلا مصداقٌ لقوله تعالى :

(ألا إن أولياء الله لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون) وقوله (.. أن الأرض لله يرثها عبادي الصالحون) الآية.

إن كـُـنت أنا بالفعل من كان سبباً في ذلك –وهذا ما أرجوه من الله- فإنني والله قد دفعت الكثير لأجل ذلك.. نعم دفعت الكثير!!
لم يكن مالاً ،، لم تكن هدية أو حتى ريالا.. بل:
ابتسامة صادقة من القلب ..
عقبها كلمات من القلب.
واني أراها كثيرةً بالفعل لنتائجها الكبيرة المبهرة، ولأن الكثير يستكثرها ويتخسرها في مثل هؤلاء متناسياً أن ( الدين المعاملة)

أخي
من القلب “ابتسم” وإن لم تستطع فدرب نفسك عليها،
فمالذي ستخسره؟

——————————-

صحيفة الأحساء نيوز/ مقال نشر في أكتوبر 2011

همسات رمضانية

– يقضي نهاره في النوم ليصحو ليلة فيقضيه في قيل وقال وكثرة التشكي والسؤال ومتابعة المسلسلات والأفلام ،، لا حسنةً حرصِ عليها ونال ولا سيئةً اتـقاها وخففها عن الميزان،، خسر الأجر والثواب في رمضان. [ خسران]

– تعاهد قراءته في اول رمضان،، فقرأ جزءاً واحداً، واثنين وثلاثة،، انقضت ايام الشهر والسنة ولم يكمل الجزء الرابع،، غنِم اجر اربعة أجزاء وخسر أجر ٢٦ جزءاً في كل حرفٍ منها عشرُ حسنات،، غفلِ ونسي (القران حجةً لك او عليك). [جحود]

– طلبت مساعدتها في اعمال المطبخ والبيت فهي تكثر في رمضان على غير العادة،، وادعت في اول الايام تعبها،، وبعدُ أرقها،، وبعدُ انشغالها،، وبعدُ عدم معرفتها. شارف الشهر على الانتهاء ولم تمد يد العون لها أبداً،، فأنهك ذلك كاهل أمها العجوز وسقطت متعبه،، فوافتها المنية على الفور،،
فُجعتْ،، تحسرت،، ندِمت،، حمَلت ذنب وفاتها لآخر العمر،، وتمنت لو برّت بأمها وكانت بنتاً صالحة. [ ندم ]

– انتقد ذالك الامام فهو يستعجل في صلاته،، وانتقد اخر فهو لايتمتع بصوتٍ وترتيلٍ جميل،، وذم آخر لكونه يطمأن في صلاته،، في ركوعه في سجوده،، وكعذرٍ مختلق لم يركع التراويح في رمضان لا فرداً ولا جماعةً. [ تناقض ]

– نـُـودي بابوابٍ مفتوحةٍ للصدقة؛ افطار صائم،، كسوة للعيد،، كفالة يتيم، وقد شارك فيها الكبير والصغير،، احساناً وتوفيقا
هو يملك الكثير،، ويسعى للكثير شارك في تجارة الدنيا ولم يشارك في تجارة الآخرة
نسي وغفل عن :  ( مامن عبد إلا له ثلاثة أخلاء فأما خليل فيقول ما أنفقت فلك وما أمسكت فليس لك فذلك ماله …) الحديث. [ حرمان ]

———————-

صحيفة الأحساء نيوز/ مقال نشر في رمضان 2011