ما وراء طريق الموت العقير

فرح الأحسائيون منذ أكثر من ثمان سنوات بتطوير وافتتاح شاطئ العقير كوجهة سياحية متميزة لطالما حلموا بها، إلا أن غيمةً سوداء خيمت على قلوبهم ومازالت جرّاء الحوادث المميتة والمتكررة على الطرق المؤدية للشاطئ والتي كلّت وملّت معه أصواتهم مُـنـَـاشدةً ونداءاً لإيجاد حلول ناجعة.

في كل حادثِ موت على طريق العقير الجنوبي منه والشمالي وآخره قبل أيام راحَ ضحيتهُ تسعة أبرياء، يرتفع صوت المجتمع مندداً بتقصير المسؤول ومُلقياً لومهُ على مايرتبط بالطريق كاحتياجه للطريق المزدوج أو وسائل السلامة أو المراقبة المرورية، ويخرج صوت المسؤول كإدارة النقل وكالعادة ليؤكد أن الأسباب ليست الطريق وإنما سلوكيات قائدي المركبة وهي ليست من اختصاصه! عجباً.

ويتساءل المتضرر والمواطن: لماذا تم افتتاح الطريق في ظل افتقاره للأمن والسلامة؟ مادور غرفة التخطيط الاستراتيجي؟ أوليس لسلوكيات هؤلاء المتهورين وأخطائهم بل أخطارهم جهاز للضبط وحُلول؟ ماذنب الضحايا الأبرياء مَن قـُـتلوا بسبب أخطائهم؟ ماذنب من يُـتّموا ومازالوا يتجرعون مرارة اليُتم؟ ألم يُخصص جهاز كامل لذلك كإدارة المرور ؟ مادورهم؟ بل أين أدواركم التكاملية؟

وراء الأكمة ماوراءها

قد لا يرى البعض ومنهم المسؤول تلك الزوايا الخطيرة في الأثر البالغ على المواطن والمجتمع بشكل عام جّراء تكرار حوادث الموت ولسنوات عدة دون إيجاد حلول ولو مؤقتة لوقف نزيف الدم على الطريق الذي أسماهُ الأحسائيون ومن رحم معاناتهم: طريق الموت.

تموت على الطريق عائلةٌ فيتـَــيتمُ أبناءها، ويذهبُ رب أسرةٍ كان عائداً من عمله ضحيةً فتبكيه زوجته وأبناءه فلا عائل لهم بعد الله إلا هو، فعيش جميعهم مرارة اليُتم وخوف المستقبل تلاحقهم الأضرار النفسية والإجتماعية فينتجُ عن ذلك في المجتمع مواطنٌ ضعيف غيرُ فاعل عوضاً عن الأضرار الإقتصادية كفتح ملفات جديدة في الضمان الإجتماعي والجمعيات الخيرية – وأرشيفهم يتحدث.

ويموتُ شابٌ في مقتبل العمر كان سنداً لأبويه في حادث مأساوي على الطريق فيفجعُ والداهُ بفقده متضررين نفسياً واجتماعياً، ويتكرر الأمر مع أسرة سواء بموت أحد أبناءهم أو بفقده في المستشفيات طريحاً مشلولا أو معاقا مخلفاً أضراراً اقتصادية أخرى، فيوغل ذلك صدور أهليهم وذويهم على المسؤولين يصاحبة شعور يقوّض فيهم الحب والإنتماء لهذا البلد الطيب – وهذا حقيقة مانراه ونسمع -فليصارحوكم.

لا نحاول أبداً تكبير القضية فهي كبيرة بالفعل، ولا يشعُر بها إلا من يعانيها، نستعرض تلك الزوايا لأننا نلمسها في الناس وأنما نحن أصواتٌ لمن لاصوت له ولسان لمن لا يستطيع التعبير ومُحبونَ غيورون على هذا الوطن الكريم ومواطنيه.

ما المشكلة؟ مالحل؟

في الحقيقة أن المشلكة تقعُ على عاتق الجميع: المسؤول، المواطن، المتسبب في الحادث. ولكن الأهم من ذلك التعرف على الأسباب الجذرية للمشكلة من تدلنا على حلول حقيقية ناجعة. وتتلخص الأسباب حقيقة في سلوكيات قائدي المركبة الغير مراقبة، وغياب الدور التكاملي بين الجهات المعنية كأن يكون هناك فريق عمل مشترك بين ادارة الطرق والمرور وأمن الطرق وأمانة الأحساء والهلال الأحمر والمواطن أيضا.

ومؤقتا وعاجلا يحتاج الطريق للتالي:

مسؤولية إدارة النقل

توفير مواقف للطوارئ على جانبي الطريق، ومتابعة معالجة زحف الرمال بشكل عاجل من خلال مراقبة الطريق أثناء مواسم الرياح خاصة، وتوفير اللوحات الإرشادية والتحذيرية ومنها مناطق تجمع الضباب والجمال السائبة.

مسؤولية إدارة المرور

مراقبة الطريق بشكل كامل ودائم وتكثيفه خاصة في أيام وأوقات الذروة لضبط سلوكيات قائدي المركبة ومنها السرعة، استخدام الجوال، التجاوز الخاطئ، والرفع عن اي مشكلات خطرة بالطريق للجهات المعنية الأخرى. ماذا لو استحدت نقطة أمنية هناك لممارسة التوعية الحقيقية ميدانيا ومن ذلك تنبيه المسافرين وتمني السلامة لهم؟ سيكون لها أثر ووقع ايجابي كبير ومنها احساس المواطن بالإهتمام والرعاية وهو فعلا مايضبط ويوجه السلوك مقارنة بالعقاب.

مسؤولية أمن الطرق

البدء بمراقبة الطريق أمنياً فهو طريق شبه مقطوع حالياً وتواجد أمن الطريق يحقق نوعاً من الأمان سواءا بضبط حركة الجمال السائبة أو بضبط بعض تصرفات المتهورين من قائدي الشحانات والمركبات الأخرى وخاصة بالليل، فما يدعوا للكثير من سلوكيات القيادة السلبية هو انعدام الرقابة الأمنية وأمن العقوبات.

مسؤولية أمانة الأحساء

تفعيل السياحة في أرض العقير يعني استخداما أكثر للطريق من قبل المواطنين والسياح، ولكن الطريق بشهادة الكثير خطر! فعليها تكرماً وبشكل جدي التنسيق مع الجهات المعنية الأخرى كالمرور وأمن الطرق والهلال الأحمر لوضع خطة مراقبة وضبط على هذا الطريق أثناء المواسم للتقليل من الحوادث المميتة.

مسؤولية المواطن

التحول لعين ثالثة للجهاز الأمني بالتبليغ عن السلوكيات الخاطئة في القيادة لأي كان من المركبات، والممارسة المتبادلة للقيادة الآمنة بين الآباء والأبناء والأصدقاء كأن نؤكد على ربط الحزام جميعاً أو لا نستخدم الجوال أثناء القيادة أو أن نسرع فحياتنا أهم. هذا السلوك الأمن للقيادة عندما ينتشر ممارسةً من الجميع سيضيق الخناق على المتهوين للرضوخ إلى تأثير البيئة المحيطة وتغيير سلوكياتهم إلى الأفضل.

صوتُ مكلوم

أرجوكم لا نريد موتاً آخر وحُزناً آخر وخوفاً آخر يسكن قلوبنا فمن حقنا أن نعيش الرفاهية في هذا البلد الطيب دون عناء وتعب دون الحرص على كتابة وصيتنا قبل الذهاب سائحاً مستمتعاً على طريق العقير.

 

نُشر في الأحساء نيوز

ردك مهم،، فلا ترحل دون ترك بصمة