الفتح.. الله يفتح عليكم

الفتح والفتوحات حديث الناس والساعة.. وهل يلامُ الناس في ذلك؟ لا
فهذا النادي الأحسائي العريق “نادي الفتح” امتطى في وقتٍ قريب قصير صهوة جواد النصر والفتوحات فراح يهزم بسيف ابداعة كل التوقعات السلبية والتشكيك في امكانية تحقيقة الانجازات ومقارعة الكبار من الأندية السعودية، وأثبت ذلك بتحقيق انجازات كبيرة البعض منها تاريخي.

حديثي هنا عن نادي الفتح ليس رياضيا بالتحديد ولكنه اجتماعيٌ بالدرجة الأولى ويحكي أهدافاً اجتماعية سامية قد يحققها نادي الفتح توافقاً مع أهدافة الرائعة في شباك الخصم واحتلاله للصدارة وقريبا الكأس. وأول هذه الأهداف وأكثرها أهمية هو رفع راية الأحساء عالياً وتشريفها كنادٍ احسائي محترف نموذجي، وهو بذاك ولاشك يساهم في جذب أنظار الشريحة الأكبر من المهتمين وهم الرياضيين، وكذلك المستثمرين والسياح على حد سواء ما سيدفع عجلة التقدم والتطوير الاقتصادي.

ومن الأهداف السامية الأخرى التي يمكن أن يشارك في تحقيقها نادي الفتح هو وحدة الأحسائيين من خلال تعزيز روح التضامن والتعاون بخلق اهتمام واحد نحو موضوع واحد هو الفتح لأجل الأحساء، وهو بالفعل مانسلمه حقيقة من إدارة الفتح في تعامل واهتمام احترافي بجذب وتشجيع جميع الأحاسئيين لنصرة النادي ليس لأجل النادي فقط بل لأجل الأحساء.

نعم لأجل الأحساء أيها الأحسائيون الكرماء، أوليس الفتح يمثل اسمه حين تحقيق كل ماذكرناه سابقا! فتوحات عظيمة سيرسمها للأحساء ومجتمعه، ولن يكون ذاك إلا بالتفاتةٍ واحدة من الجميع: نوادٍ، رابطة مشجعين، أفراد، جماعات، شركات ومؤسسات.. وقفةٌ أحسائية واحدة لمؤازرة نادي الأحساء “الفتح” في مباراته الأخيرة والحاسمة مع الأهلي، لأجل الأحساء والفتوحات القادمة على يد الفتح.

“ولد بطني ويعرف رطني”

مثلٌ يعرفة جيداً أهل الأحساء ويعني أن الأقرب لي هو أعرف بما أفكر وأريد. وأهل الأحساء بالتأكيد يعرفون مايريده منهم ناديهم وممثلهم الأقوى في الدوري “الفتح “، وهو زحف كبير من كل الاحاسئيين لمؤازة النادي لتأكيد فوزة ورفع أسم الأحساء عالياً.

خف علينا يالمثقف

“المثقف من يستطيع عقله مراقبة نفسه” – ألبير كامو

زارني لأول مرة في البيت وفي تبادلٍ لأطراف الحديث أشارت عينه على مجموعة من الكتب في مجلسي فقال: ياخي ماشاء الله عليك أنت مثقف. ابتسمت فسألته: وكيف عرفت اني مثقف؟ قال: ياخي هالكتب الكثيرة ماشاء الله. لم اشأ اطالة الحديث فأنهيته بالشكر والتواضع له.

هذا الموقف حقيقة دفعني لتأمل مجتمعنا وكيفية تناوله لتعريف ومفهوم الثقافة والمثقف، وكيف للكثير أن أخطأوا في تعريفة باستخدامه كوصفٍ لحال غير مطابق لمعناه ومفهومه الحقيقي. وفي جانب ٍ آخر خطير هناك بعض الجهلة من الناس تناولوا كلمة “المثقف” بشكل سلبي باستخدامها في مواطن السخرية وربما السِباب، وعلى سبيل المثال: شخص واع ٍ جاء ليتحدث مع أصدقائه عن موضوع مهم فهو يفصل فيه بشكلٍ ماتعٍ بليغ فإذا به يفاجئ بأحدهم -جاهل- يقاطعه بقوله: “أقول خف علينا يا المثقف” !!

إن سبب التوظيف الخاطئ أو السيء لبعض الكلمات الوصفية “الإيجابية” وتحويرها إلى أوصاف سلبية هو الجهل بمعناها ومفهومها ولاشك، وقد كان من واجب العارفين – كمعلمي النحو والبلاغة والنقد – أن يبينوا للعامة وينيروا بذلك لمفاهيمهم الطريق.

أحسبني واحداً من المهتمين والمتأملين وليس العارفين أو المثقفين كما وصفني ضيفي الكريم سابقا ، لذلك سأحاول جاهداً تصحيح المعنى والمفهوم الخاطئ لـ ” المثقف” عل وعسى أن يتوقف التوظيف السيء لها والإساءة لمفهومها والمتصف بها.

ذكر في المعاجم أن:

الثقافة والمُثقف من (ثَقُفَ)

ثَقْفاً وثَقَفاً وثَقافَةً: أي صارَ حاذِقاً خَفِيفاً فَطِنا (1)

…..

ثَقَفْتُ الشيء إذا عدلته أو أقمته، وهو إقامة دَرْءِ الشيء.
ويقال ثَقَّفْتُ القناةَ إذا أقَمْتَ عِوَجَها. قال:
نَظَرَ المثقِّفِ في كُعوب قناتِهِ … حَتَّى يقيم ثِقـَافَهُ منآدَها (2)

ومن ذلك كله نخلصُ إلى أن المثقف صفة ٌ تطلق على الإنسان الحذق الفطن وليس كل قارئ للكتب أو كاتب في مجلة أو صفحة ما أو حاضر أو مشارك في المنتديات الثقافية والإعلامية. وفي إطلاع وتأمل آخر في هذا الموضوع وجدت أن ارتباط هذا الوصف بالكتب أو القارئ ماهو إلا لحقيقة أخرى وهي أن القراءة غذاء للعقل ولاشك توسع مداركة وتزيد من علمه وبصيرته فهو من باب أولى صائر بذلك إلى الحذاقة والفطنة، ولكن المعنى والمفهوم لـ “مثقف” يدلنا على أنه ليس كل قارئ أو كاتب مثقف وليس كل مثقف يجب أن يكون قارئ أو كاتب.

عزيزي القارئ أنت عرفت الآن وستلتزم باستخدام هذه الكلمة في مكانها الصحيح ولن تسيء لمعناها باستخدامها سلبيا في حديثك، ولـ تفرح كثيرا لو جاءك أحدهم وقال ساخراً : “خف علينا يالمثقف”.

(1) القاموس المحيط

(2) مقاييس اللغة

مشاهد في رمضان (7)

علاقة وثيقة بين شهر رمضان والروح، ترى ماهي؟
إن تلك العلاقة لايعرف سرها إلا من شهد وتعرض وعرض نفسه لما هو أبلغ لمعرفة ذلك، ألا وهو أمر الخلوة.

هذا الأمر كما ذكرت سابقاً لايوصف وإنما بالاجتهاد والتطبيق يُدركُ ويُحس، لذلك سنهم أنا وأنت بتطبيقه.

اليوم أنا وأنت سنستعد للثلث الأخير من الليل -الساعة الواحده صباحا- وقبل ذلك تأكد من:
– ايجاد مكان خلوة حقيقي بعيد عن الناس قريب من النفس وآثر في الإحساس.
– إحسان الوضوء أيما إحسان والترفق فيه بكثير الحمد والإمتنان.
– اختيار ولبس أفضل الثياب والتطيب بأطيب الطيب كما لو كنت لعرسٍ تتهيئ.

بعد ذلك، توجه تجاه القبلة وافرش سجادة صلاتك، ابدأ باستغفار الله مائه مره، وبعده بالحمد والتسبيح والتهليل، ثم ابدأ بقراءة ماتيسر من القرآن بأفضل صوتك مرتلاً إياه ترتيلا.
تهيأ لصلاة مطمئنةٍ لم تصلها من قبل، اربع ركعتات فقط تقرأ فيها من القرآن سورة الاعراف او هود او ياسين. قراءةً مرتله متأنيه، وفي ركوعك أطل تسبيحا وتعظيما، وفي سجودك أكثر دعاءه وتأمل عظمته وفي صغر حجمك مقارنة بالأرض، الكون، السماء، وأنت وحيدٌ خاضعٌ ذليلٌ بين يديه،
هنا تحتاح فعلا لكبير التركيز فيما تفعل وتقول، ولعميق التأمل والتدبر فيما سيكون !!

العجيب في الأمر هنا أن الخضوع والذلة يقابله علوٌ ورُقيٌ وكرامة للروح تنعكس على الجسد بذلك الاحساس الذي لايوصف أبدا. عِطرٌ فريدٌ من نوعه ستشعر أنه يتسلل الى أنفاسك، هو ليس عطراً في الحقيقة وإنما نشوة الروح سعادة ببارئها.
(ونفخنا فيه من روحنا) الروح تابعة للخالق عز وجل وبه وله فقط تأنس وتسعد.
بعد فراغك من صلاتك اطل دعاءك وتضرعك الى خالقك اطلبه مغفرته ورحمته وجنته.

الاعجب: في اليوم التالي كل شيء سيكون مختلفاً؛ أُنس الناس وباقي المخلوقات بك، سهلُ أمرك، عظيم توفيقك، وعميق رضاً يطير بك الى السماء.
كل ذلك سببه أن صفت روحك وصفاءها اتصل بنقطةٍ السماء ليُبث ذلك الصفاء الى اجهزة استقبال الارواح الاخرى لكل المخلوقات جمادا كان أو حيا.

إن هذا المشهد السري العظيم في رمضان خصوصاً يعيشهُ كمٌ قليل من الناس من اجتهدوا ووفقوا لذلك فهم في أهل السماء مذكورون وفي أهل الأرض مباركون منصورون،
فهل ستكون منهم؟

اليوم هو موعدنا وإن لم تستطع اليوم فغداً أو بعد غد.

مشاهد في رمضان (6)

بين الروح والجسد

أمرٌ يجهله الكثير ممن الناس،
وسيعلمه فقط من تأمل حاله في رمضان وغيره.

مشهدٌ عميق جداً من أجل وأكرم مشاهد الانسان المسلم في رمضان نقراء فيه ومعه :
(ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي لايعلمها إلا هو) الآية.

الهامٌ يلهمه عبادة المؤمنين رحمة منه وفضل، وهذا المشهد لايمكن وصفه ولا التعبير عنه ولكنه احساس تستطيع الاحساس به إن علمت وعملت بما سأخبره به وسنطبقه أنا وأنت.

التقيك في يوم الغد بين الروح والجسد.

مشاهد في رمضان (5)

مشهد جميل
طرق الباب بأدب، فاستقبله وجهٌ بشوش رُسم على ثغره صورة هلال أضاءت معه وجنتيه، بادله بالمثل طارقُ الباب ليسلمه طبقاً شهيا أختصته أمُه لجيرانها من أفضل طبقٍ عُمل في اليوم الخامس من رمضان. الجيران وعدوا بأن يرسلوا طبقاً أشهى وأجمل في اليوم التالي.
لم تنقرض هذه العادة الكريمة الراقية ولكنها قلّت وضُعفت بضعف ايماننا واهتمامنا ب “مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”.

ماذا لو أثرنا همّها واهتمامها في أبنائنا سُمواً الى جيلٍ قادمٍ يحمل أسمى معاني الكرم والتواصل الراقي.

إذن غداً بكل الحب والود ستزيد قليلا من طبقك الرئيسي الشهي وتخصص جزءاً منه لجارك، فترسله مع ولدك قبل الإفطار مُعلماً إياه البشاشة وحسن التبسم والخلق حين تسليمها. ربما رغبت في اضافات بسيطةٍ جميلة تنشر وتنثر الود وتديمه، كبطاقةٍ صغيرة كُتب عليها:
( جاري العزيز بالهناء والعافيه ).

مشاهد في رمضان (4)

خبر عاجل:
توفي قبل قليل أخوك في حادثة قتلٍ على يدِ مجرمين قتله،
واغتُصبت أختك علناً وقتل ابوك دفاعاً عن شرفه،
وماتت على الفور أمك كمداً وحسره،
وتُرك أخوك وأختك الصغيران مهشماً وجهيهما غارقين بدمائهما شاهداً على الظلم والقهر والعدوان.

اعتذر لك عن فوران دمك الآن، أن نسبت حديثي لأهلك ..! وهي رد الفعل الطبيعي للنخوة والحمية الحق..

الخبرُ حقيقي بالفعل في حق أخوة لك في الدين وأهل؛ من فُعل ويُفعل بهم العجائب قبل وأثناء رمضان، في أرض سوريا الحبيبة وبورما الجريحة،
أ فلم يثٌر فيك الدم ويغلي لأحوالهم كما لو فُعل بك ذلك أو بأهلك؟

إن أخوة الدين الحقيقية لهي أشد وآكد من غيرها وواجبٌ علينا أن نحركها تحريكا إن لم تتحرك، أخوةٌ تستوجب علينا الهم والاهتمام الكبيرين بالنُصرة والحمية لأخوان لنا ظُلموا أيما ظلم.

الآن،
أنا وأنت مسؤلون يوم القيامة عن نصرتهم،
مالذي قدمناه؟
كيف نصرناهم؟

واليوم تُفتح آبواب النُصرة بالتبرع لهم فلا تبخل لاتبخل ولو بالقليل، قدم ماتستطيع وحفز ابناءك واسرتك على ذلك، فوالله ماوُجد خير من الجهاد لانفاق المال فيه.
( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله).

كان عمر رضي الله عنه يطلب من صغار الاطفال أن يستغفروا له ويقول: إنتم لم يذنبوا. في اشارة الى أن دعائهم اقرب للاجابه.
ماذا عن أبناءك؟ هل دعوت معهم؟ هل أمرتهم بالدعاء لاخوانهم في سوريا؟ بورما؟

قال تعالى:
(مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلةٍ محبه والله يضاعف لمن يشاء).

مشاهد في رمضان (3)

أنهكهم التعب وأضانهم جهلاً مخالفة النظام الحياتي في عكسهم للباسه ومعاشه؛
طوافون قوّامون في ليلهِ لا على خير،
مضيعون نائمون في نهاره لا إلى راحةٍ أو رجوى خير.

تائهون في رحى الزيغ والشهوات، لم يفرغ عنهم إبليس المضيع لأجورهم بل تفرغوا له،
أولئك هم الكسالا والسكارى في رمضان المضيعون لنهاره في النوم، وللياليه بالسهر والغفلة والسهو،
عن كل ما نُظم له شهر رمضان من طاعات وعبادات مختلفه.

مشهدٌ مؤلم لكثير من شبابنا في هذه الأيام المباركه،

– ينام النهار كله هرباً من الحر والجوع والعطش، وإنما قد هرب من أجرٍ وثوابٍ كبير حُرم منه ولاشك.
– يساعدة صيامه في النهار على الاستمداد بقوة في الليل لتُوظف في التزود من كثير الطاعات، فوظفها غفلةً وحُمقاً للتزود بمزيدٍ من السيئات.

جيلنا القادم لايجب ابدا أن يكون هكذا، أنا وأنت وأنتي مسؤولون عن ذلك. بهذا الشباب الضائع عن الحق المضيع له لن نبلغ عُشر مابلغه من سبقونا وسابقونا على الدنيا والاخره.

سنة كونيه: (وجعلنا الليل لباسا والنهار معاشا)
لايجب أن نسمح بمخالفتها

سنة محمديه: (كانوا قليلا من الليل مايهجعون وباأاسحار هم يستغفرون)
يجب أن نتربى  ونُربى ابناءنا عليها

الجيل القادم أمانة في أعناقنا كلُ واحدٍ منهم بمثابة اللبنةٌ لهذه الأمة فلنصنع منهم لبِنةً تُقيم لهذا الدينِ حصنا منيعا.

مشاهد في رمضان (2)

اقترب وقت الإفطار،
خلية نحل قد استنفرت هنا وهنا للاعداد واستقبال الضيوف
كرمٌ وطيب مبسمٍ في الاستقبال
كريمُ خُلُقٍ وحُسن معشر للقادمين من الاخوان
الضيوف مبتسمين على الدوام، متهللون مشتاقون لريحِ الكرمِ والإنعام.

في كل رمضان يتسابق الجميع من مؤسسات خيرية، افراد وجماعات، مساجد وجوامع في اعداد مخيمٍ لافطار صائم ذلك المخيم الذي يُعدُ وجهاً من وجوه الخير الكبيرة جدا لفئة من الناس شبه منسية وربما غير محمية من ظلمٍ أو جورٍ أو جوعٍ .

تلك اللحظات التي تعيشها مشاركاً ومتشرفاً بخدمة الضيوف في مخيمات الإفطار هي بمثابة مدرسةٍ حقيقةٍ للتربية على حب الخير والإحسان إلى الناس.

الجميل من المواقف هناك أن كثيراً من الأسر تشارك أيضاً في تقاسم مالذ وطاب من الأطعمة الشهية المعدة في رمضان وتقدمها لأقرب مخيم محتسبين الأجر والثواب في زرع الابتسامة على أحدهم، او صلاحه وهدايته، وربما اسلامه.
فهل استطعم أهلك الأجر وشاركوا في ذلك؟
ماذا لو خصصتم طبقا واحدا كل يوم للمشاركه به؟
لاتحرم نفسك واهلك لذة الاجر الكبير

الأجمل من ذلك كله تحفيز بعض الآباء لمشاركة ابناءهم الصغار والكبار في تلك المخيمات إيمانا منهم انها فعلا مدرسة حب وخير وإحسان، وفعلا الخادمون هناك هم غالبا اصحاب الخير مستقبلا، فياسبحان الله.

image

مواطن الخير كثيرٌ في رمضان وهذا مشهد من أجمل المشاهد، عشته وعايشته وأعيشه كل يوم محملا على جناح الإجر والثواب. فجرب ولو مرةً معايشته.

…..عادل سلطان

مشاهد في رمضان (1)

نهتم بالهلالِ في أوله وآخرهـ فرحاً بقدمه وقضائنا لفروضه،

أليس شهرا مختلفا عن كل الشهور..!؟

إلا يستحق منا كل هذا الإهتمام والشعور؟

ولكن.. لماذا كل هذا الإختلاف ؟

أمر يستدعي عميق التأمل والتفكر.

الإختلاف هو وجهٌ أو معناً آخر للتغيّر والتغيير، والمعنى هنا مع رمضان أنه كما يختلف كل شيء فيه فمن باب أولى علينا أن نختلف أيضاً بأن نتغير للأفضل.

ومن المشاهد العظيمة في كل رمضان أنّ  كماً كبيراً من الناس يُسلمون، يهتدون، يعفون ويصفحون، يتسامحون، يتعانقون حباً في مواطن كثيرةٍ للخير ابتغاء للثواب والأجر.

إن هذا التغيير في كل شيء تقريباً وبخاصةٍ في أحوال الكثير من الناس في رمضان هو توافقٌ طبيعي لسنة التغيير في هذا الكون والذي تشرف بها هذا الشهر الكريم العظيم.

أفلا يدعونا ذلك حقيقة للوقوف مع أنفسنا لحظه والتساؤل: هل يجب علي أن أتغير؟
والجواب: نعم يجب علينا جميعا أن نتغير، ورمضان خطوة صادقة للتغيير.

إن كنت أفضل فاسعى لأن تتغيير لأفضل من ذلك،
وإن كنت من ذوي التقصير والأخطاء فحاول أن تتخلص من تقصيرٍ أو خطأ واحد على الأقل بنهاية رمضان.

إن رمضان قافلة ركبٍ للخير واسعة، فإن فاتك هذا الركبُ فقد فاتك والله الكثير.

فأعزم وأحزم أمرك لنيل الخير الوفير منه فالموعد الحقيقي هناك في جنات النعيم.

وقفه:
ما سأحكيه من مشاهد في رمضان تختلف عن هذه البداية قليلا، ولكن أحببت أن تكون البداية عبارة عن تأمل وتوجيه أحتاجه ويحتاجه الجميع.

الإبتسامة وسحر التغيير

أعتدت صباحاً أو مساءً أن أقف عنده ليقوم بتزويد سيارتي بالوقود، وأعتاد في كل مرةٍ تذكيري – الضغط – على الزر المخصص لفتح بوابة تعبئة الوقود، ولم أكن أعلم حقيقة ً ما سبب نسياني لذلك رغم عدم انشغالي أو تمردي على الخصوصية والسلامة الموجبة من ذلك، وربما كان تقدير قادرٍ حتى يكون لي كثير حديثٍ معه ليس إلا؛ مايسمى بـ كسر الجليد أو الحاجز وهذا بالفعل ماتبين لي لاحقاً.

عند قدومي أو فور فراغة من تعبئة الوقود يتقدم إليْ وفي كل مرة تتكرر مواجهتي له أرى في عينية بعض اليأس والتعب وربما البؤس!! فكنت أُدفئ ذلك بابتسامة صادقة مني يتخللها شكرٌ خالص من القلب يشعر معها أنه فعلَ شيئا عظيما وربما استغرب ابتسامتي وشـُـكري إياه وتسائل في نفسه: ترى مالشيء العظيم الذي فعلته؟ ولماذا لا يبتسم لي غيره؟؟؟

لم أشك في لحظة من اللحظات ان علامات اليأس والبؤس الظاهرة على محياة هي مجرد قناع ٍ لإستدرار العطف والحصول على شيءٍ من المال ولو كان ريالا واحدا، لم أشكك ابداً رغم بعض الوساوس الشيطانية ،وعلى العكس من ذلك كنت صادقاً مع نفسي ومعه في ابتسامتي له وشكري.

وبعد مدة ٍ ألـِـفني كثيراً وربما –تكرُرُ نسياني الضغط على ذلك الزر- جعلة يبتسم لي وكأنه يقول : \”إيش هذا!! كل مره انتا ينسى؟؟ \”،، فأكتفي بالرد عليه أيضا بابتسامة ضارباً ممعها مقدمة رأسي باطراف أصابعي اشارة ً وتأكيداً لنسياني الذي خالطه شيءٌ من حرجي. لم أتفف أو اتضجر منه أو اظن بأنها ابتسامته كانت مجرد سخرية أو وقاحة منه، أحسنت الظن به وزاد ارتسام ابتسامتي وشكري وثنائي له.

وفي مرةٍ من المرات ومن خلال ابتسامة بادلني إياها شعرت معها أنه مرتاح البال طيبُ الخاطر، جال في خاطري أن أنصحة بكلمتين ألهمني إياها المولى عز وجل؛ فقلت له: كيف صلاة؟ فرد: كويس. فشعرت من ردهـ أنه مقصر فيها كثيرا وهو بالفعل كذلك حين استفسرت عنه لاحقا. فأردفت قائلا: لازم سوي صلاة كل يوم، عشان الله يوفق أنتا. وسألته: في مصلى هنا؟ مين سوي اذان؟ قال: مافي نفر؟ فقلت: كيف مافي ؟ أنتا موجود.. خلاص سوي اذان ويكسب أجر كبير. رمقني بنظرة استغراب!!؟ ورددت عليه بابتسامة كبيرة اهتز معها لا شعورياً رأسي تأكيدا ورضا. فقال: الله كريم.

ادرت محرك السيارة مولياً إلى عملي،، وفي مراقبتي الخلفية له من المراية المعلقة أمامي رأيت على وجهه ابتسامةً كبيرة ويدا ً تلوح بالسلام علي.

وأصدقكم القول مر وقت طويل بعد هذا الموقف لم يــُــكتب لي أن أقف عند تلك المحطة رغم قربها من منزلي، لسبب تواجدي خارج البلد لعملٍ خاص.
ومنذ ذلك الموقف حين تركته بابتسامة صادقه وودعني بمثلها تشهدُ له يده الملوحة بالسلام، وعبدالرحيم -عامل محطة البنزين- يرفع الإذان ويقيم الصلوات الخمس لايترك فرضاً منها أبدا، بشهادة المداومين على الصلاة في ذلك المصلى، وقد صلــُـح حاله واطمأنت نفسه وشاهـِـدُ ذلك الإبتسامة التي لاتفارق محياه والجد والإجتهاد الملحوظ. وبعد ذلك كــُــتب له من الخير الكثير فقد قدرَ له المولى عز وجل أن يكون مشرفا ثم مديرا للمحطة حالياً، وما ذلك إلا مصداقٌ لقوله تعالى :

(ألا إن أولياء الله لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون) وقوله (.. أن الأرض لله يرثها عبادي الصالحون) الآية.

إن كـُـنت أنا بالفعل من كان سبباً في ذلك –وهذا ما أرجوه من الله- فإنني والله قد دفعت الكثير لأجل ذلك.. نعم دفعت الكثير!!
لم يكن مالاً ،، لم تكن هدية أو حتى ريالا.. بل:
ابتسامة صادقة من القلب ..
عقبها كلمات من القلب.
واني أراها كثيرةً بالفعل لنتائجها الكبيرة المبهرة، ولأن الكثير يستكثرها ويتخسرها في مثل هؤلاء متناسياً أن ( الدين المعاملة)

أخي
من القلب “ابتسم” وإن لم تستطع فدرب نفسك عليها،
فمالذي ستخسره؟

——————————-

صحيفة الأحساء نيوز/ مقال نشر في أكتوبر 2011